وفيها، قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [1] : احترقت اللّبّادين، وباب السّاعات [2] بدمشق حريقا عظيما صار تاريخا، رقد طبّاخ هريسة عَلَى القِدْر ونام، فاحترقت دكّانه، ولعبت النّار فِي اللّبّادين، وتعدَّت إلى دُورٍ كثيرة، ونُهبت أموالٌ عظيمة، وأقامت النّار تلعب أيّاما.
وفيها كَانَ مسير الأمير أسد الدّين شير كوه المسير الثّاني إلى مصر. جهّز السّلطان نور الدّين المعظَّم جيوشه، وقيل: بل جهَّز معه أَلْفَيْ فارس، فنزل بالجيزة محاصرا لمصر مدَّة نيِّفٍ وخمسين يوما، فاستنجد شاور بالفرنج، فدخلوا مصر من دِمياط لنجدته، فرحل أسد الدّين من بين أيديهم، وتقدّم عَنْ منزلته، ثمّ وقع بينه وبين المصريّين حربٌ عَلَى قِلَّة عسكره وكَثْرة عدوّه، فانتصر فيها أسد الدّين، وقتل من الفرنج ألوفا وأسر منهم سبعين فارسًا [3] .
قَالَ ابن الأثير [4] : كانت هذه الوقعة من أعجب ما يؤرَّخ أنّ ألَفْي فارس تهزم عساكر مصر والفرنج السّاحليّة.