إلى منصبه من السَّلْطنة، ووعده بنصره على الفرنج. فأمر نور الدِّين بزينة دمشق، وفعل فِي ذلك ما لم تَجْرِ بهِ عادةٌ فيما تقدَّم فِي أيّام ملوكها. وأمر بزينة قلعتها، فجُلِّلت أسوارُها بالْجَوَاشن، والدّروع، والتّراس، والسّيوف، والأعلام، وأنواع الملاهي، وهرعت الخلائق والغُرباء لمشاهدة هذا فأعجبهم وبقي أسبوعا [1] .
ثُمَّ جاءته الأخبار بإغارة الفرنج على أعمال حمص وحماه [2] .
ثُمَّ سارت الفرنج فِي سبعمائة فارس، سوى الرّجّالة إلى ناحية بانياس، فوقع عليهم عسكر الْإِسْلَام ونزل النَّصر، فلم ينْجُ من الملاعين إلّا القليل، وصاروا بين أسيرٍ وجريح وقتيل، وذلك فِي ربيع الأوّل. وجاءت الرءوس والأسرى، وكان يوما مشهودا [3] .
ثُمَّ تهيَّأ نور الدِّين للجهاد، وجاءته الامداد، ونودي فِي دمشق بالتَّأهب والحثّ على الجهاد، فتبِعَه خلْقٌ من الأحداث والفقهاء والصّلحاء، ونازل بانياس. و [جدّ] [4] ملك الفرنج فِي حصارها، فافتتحها بالسّيف.
ثُمَّ إنّ الفرنج تحزّبوا وأقبلوا لينصروا هنفري صاحب بانياس وهو بالقلعة، فوصل ملك الفرنج بجموعه على حين غفْلة، فانقطع جيش الإسلام، ووصلوا هُمْ إلى بانياس، فحين شاهدوا ما عمّها من خراب سورها ودُورها يئسوا منها [5] .
ثُمَّ إنّ الملك نور الدِّين عرف أن الفرنج على الملّاحة [6] بقرب طبريّة،