وأمّا معين الدّين أُنُرَ فإنّه مرض، وجيء بِهِ من حَوْران في مِحَفَّةٍ، ومات بدُوسنْطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته [1] .
ثمّ جَرَت واقعة عجيبة. استوحش الرئيس مؤيَّد الدّين من الملك مُجِير الدّين استيحاشا أوجب جمْعَ من أمكنه واقعة من أحداث دمشق والْجَهَلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدّولة حَيْدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب. فنفذ مجير الدّين يطيّب نفوسهما، فما وُفِّق، بل جَدّا في الجمْع والاحتشاد من العوامّ والْجُنْد، وكسروا [السجن] وأطلقوا مَن فيه، واستنفروا جماعة من الشّواغرة [2] وغيرهم، وحصلوا في جمْعٍ كثيرٍ امتلأت بهم الطُّرُق. فاجتمعت الدّولة في القلعة بالعُدد، واخرِجت الأسلحة، وفرَقت عَلَى الجند، وعزموا عَلَى الزّحف إلى جمْع الأوباش، ثمّ تمهّلوا حقّنا للدّماء، وخوفا من نهْب البلد، وأَلَحُّوا عَلَى الرئيس وتلطّفوا إلى أن أجاب، واشترط شروطا أُجيب إلى بعضها، بحيث يكون ملازما لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الدّيوان، ولا يركب إلى القلعة إلّا مُسْتَدْعيًا إليها.
ثمّ حدث بعد ذَلكَ عَوْد الحال إلى ما كانت عَلَيْهِ، وجمع الجمْع الكثير من الأجناد، والمقدَّمين، والفلّاحين، واتّفقوا عَلَى الزّحف إلى القلعة وحصرها، وطلب من عيَّنَه من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وَقُتِلَ جماعة. ثمّ عاد كلّ فريقٍ إلى مكانه.
ووافق ذَلكَ هروب السّلار زين الدّين إسماعيل شِحْنة البلد وأخوه إلى ناحية بَعْلَبَكّ.
ولم تزل الفتنة هائجة، والمحاربة متّصلة، إلى أن أُجيب إلى إبعاد من التمس إبعادَه من خواصّ مُجِير الدّين. ونُهبت دار السّلار وأخيه، وخلع على