بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كَانَ سيف الدّولة صَدَقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى مدينة الحلة وغيرها. وقبل ذَلِكَ كَانَ صاحب عمود وسيف، فعظُم شأنُه، وارتفع قدْره، وصار ملجأ لمن يستجير. وكان معينًا للسّلطان محمد عليّ حروبه مَعَ أخيه، وناصرًا لَهُ، فزاد في إقطاعه مدينة واسط، وأذِن لَهُ في أخذ البصْرة، ثمّ افتن ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بْن الحسين البلْخيّ مَعَ ما كَانَ يفعله صَدَقة مِن إجارة مِن يلتجئ إِلَيْهِ مِن أعداء السّلطان محمد. وشغَّب العميدُ السّلطان عَليْهِ، ثمّ زاد عَليْهِ بأنْ صبغه بأنّه مِن الباطنية، ولم يكن كذلك، كَانَ شيعيّا. وسخط السّلطان عَلَى سَرْخاب بْن دُلَف صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صَدَقة، فطلبه السّلطان منه، فامتنع. إلى أمور أُخر، فتوجّه السّلطان إلى العراق.
فاستشار صَدَقة أصحابه، فأشار إِليْهِ ابنه دُبَيْس بأن ينفّذه إلى السّلطان بتقادُم وتُحَف وخيل، وأشار سَعِيد بْن حُمَيْد صاحب جيش صَدَقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع لَهُ عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل. فأرسل إليه المستظهر ينهاه عَنِ الخروج، ويعده بأن يُصْلح أمره. وأرسل السّلطان يطلبه ويطيّب قلبه، ويأمره بالتّجهّز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأنّهم ملئوا قلب السّلطان عليّ، ولا آمن مِن سطوته [1] .
وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صلح السّلطان مطمع.