فليتهم إنّ لم يردوا [1] حمية ... عَنِ الدين، ضنّوا غيرة بالمحارم [2]
قَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ [3] : سارت الإفرنج ومقدمهم كُنْدفْري [4] في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مطلين عَلَى السور، فأحرق المسلمون البرج الّذي كَانَ بباب صهيون، وقتلوا من فيه. وأمّا الآخر فزحفوا بِهِ حتى ألصقوه بالسور وحكموا بِهِ عَلَى البلد، وكشفوا من كَانَ بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور.
قلت: هذه مجازفة بينة، بل قَالَ ابن منقذ: إنّ جزءًا كَانَ بخيل، وإن قومًا وقفوا عَلَى سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحدٌ بعد واحد.
قَالَ: فكان عدد خيلهم ستة آلاف [5] ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عُمَر رضى الله عنه.
وكان الأفضل لما بلغه نزولهم عَلَى القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنج [6] .