الماضي، قووا وطغوا، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى عَلَى فلسطين وغيرها، وانتزع البلاد من نُوّاب بني عُبَيْد، فأقطع الأمير سُقْمان بْن أُرْتُق التُّرْكيّ بيتَ المقدس، فرتبه وحصّنه، فسار الأفضل بْن بدر أمير الجيوش، فحاصر الأمير سُقْمان وأخاه إيلغازي [1] ، ونصبوا عَلَى القدس نيفًا وأربعين منجنيقًا، فهدموا في سوره.
ودام الحصار نيفًا وأربعين يومًا، وأخذوه بالأمان في شَعْبان سنة تسع [2] وثمانين [3] .
وأنعم الأفضل عَلَى سُقْمان وأخيه، وأجزل لهم الصِّلات [4] . فسار سُقْمان واستولى عَلَى الرُّها، وذهب أخوه إلى العراق. ووُلّي عَلَى القدس افتخار الدّولة، فدام فيه إلى هذا الوقت.
وسارت جيوش النّصرانيّة من حمص، ونازلت عكّا أيّامًا، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس، فحاصروه شهرًا ونصف، ودخلوا من الجانب الشمالي ضحوة نهار الجمعة لسبع بقين من شَعْبان، واستباحوه، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون.
واحتمى جماعة ببرج دَاوُد، ونزلوا بعد ثلاثٍ بالأمان، وذهبوا إلى عَسْقَلان [5] .
قَالَ ابن الأثير: [6] قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين