المعتضد باللَّه أبو عَمْرو أمير إشبيلية ابن قاضيها أَبِي القاسم.

قد تقدَّمَ أنَّ أَهْلَ إشبيلية ملّكوا عليهم القاضي أَبَا القاسم، وأنّه تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين، فقام بالأمر بعده المعتضد باللَّه [1] . وكان شَهْمًا صارمًا، جَرَى على سَنَن والده مدّة، ثُمَّ سَمَتْ هِمَّتُهُ وَتَلَقَّبَ بالمعتضد باللَّه، وخُوطب بأمير المؤمنين.

وكان شجاعًا داهية. قَتَل من أعوان أَبِيهِ جماعةً صبرًا، وصادرَ بعضهم، وتمكَّن من الملك، ودانت له الملوك. وكان قد اتّخذ خُشُبًا فِي قصره، وجلّلها برءوس ملوك وأعيان ومقدَّمين [2] .

وكان يُشبَّه بأبي جَعْفَر المنصور [3] . وكان ابنه ولي العهد إِسْمَاعِيل قد همَّ بقتل أَبِيه، وأراد اغتياله، فلم يتم له الأمر، فقبض عليه المعتضد، وضرب عُنقه، وعهد إِلَى ابنه أَبِي القاسم مُحَمَّد، ولقّبه المعتمد على اللَّه.

ويقال إنّه أَخَذَ مال أعمى، فنزح وجاورَ بمكّة يدعو عليه، فبلغ المعتضد، فندبَ رجلًا، وأعطاه حُقًّا فِيهِ جملة دنانير، وطلاها بِسُمٍّ. فَسَافَرَ إِلَى مَكَّة، وأعطى الأعمى الدنانير، فأنكر ذلك وقال: يظلمني بإشبيليّة، ويتصدّق عليّ هُنا. ثمّ أَخَذَ دينارًا منها، فوضعه فِي فمه فمات بعد يوم.

وكذلك فرّ منه رَجُل مؤذّن إِلَى طُلْيطُلَة، فأخذ يدعو عليه فِي الأسحار، فبعث إليه من جاءه برأسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015