فيها ورد الخبر أنّ الحاكم صاحب مصر حظَر عَلَى النّساء الخروج من بيوتهنّ والإطلاع من الأسطحة ودخول الحَمّامات. ومنعَ الأساكفة من عمل الخِفاف، وقتل عدّةِ نِسْوة خالفنَ أمره.
وكان قد لهج بالركوب في اللّيل يطوف في الأسواق. ورتَّب في كلّ درب أصحاب أخبار يطالعونه بما يتمّ. ورتّبوا عجائز يدخلن الدُّور ويكشفن ما يتمّ للنّساء، وأنّ فلانة تحبّ فلانًا ونحو هذا. فيُنْفذ من يُمْسك تِلْكَ المرأة، فإذا اجتمع عنده جماعة منهنّ أمر بتغريقهم. فافتضح النّاس وضجّوا في ذَلِكَ.
ثم أمر بالنّداء: أيّما امرأةٍ خرجت من بيتها أباحت دمها. فرأى بعد النّداء عجائز، فغرقهن.
قَالَ: فإذا ماتت امرَأَة جاء وليُّها إلى قاضي القضاة يلتمس غاسلة، فيكتب إلى صاحب المعونة، فيُرسل غاسلةٍ مَعَ اثنين من عنده ثمّ تُعاد إلى منزلها [1] .
وكان قد هَمَّ بتغيير هذه السُّنّة.
فاتّفق أنْ مَرَّ قاضي القضاة مالك بْن سَعِيد الفارقيّ، فنادته امرَأَة من رَوْزَنةٍ: أقسمتُ عليك بالحاكم وآبائه أن تقف لي.