عنه، وإنّ أهل أنطاكية راسلوا نقفور [1] وبذلوا له الطاعة وأن يحملوا إليه مالًا، وإنّه التمس منهم يد يحيى بن زكريا عليهما السلام والكرسيّ، وأن يدخل بيعة أنطاكية ليُصَلِّي فيها ويسير إلى بيت المقدس.

وكان الذي جرّ خروجه وأحنقه إحراق بيعة القدس في هذا العام.

وكان البَتْرَك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قُصُورَ يده عن استيفاء حقوق البيعة، فكاتب متولّي القدس بالشدّ على يده، فجاءه من الناس ما لم يطق رفعه، فقتلوا البترك وحَرَّقُوا البَيْعَةَ وأخذوا زينتها، فراسل كافورُ طاغية الروم بأن يردّ البَيْعَةَ إلى أفضل ما كانت، فقال: بل أنا أبنيها بالسيف [2] .

وأما ناصر الدولة فكتب إلى أخيه إنْ أحبَّ مسيرَه إليه سار، وإنْ أحبّ حِفْظَه ديارَ بكر سار إليها، وبثّ سراياه، وأصعد سيف الدولة الناس إلى قلعة حلب وشحنها، وانجفل الناس وعَظُم الغضبُ، وأَخْلِيتْ نَصٍيبّين.

ثم نزل عظيم الروم بجيوشه إلى منبج وحرق الربض [3] وخرج إليه أهلها فأقرّهم ولم يؤذِهم. ثم سار إلى وادي بُطْنان [4] .

وسار سيف الدولة متأخّرًا إلى قنسرين، ورجاله والأعراب قد ضيّقوا الخناق على الروم، فلا يتركون لهم علُوفة تخرج إلّا أوقعوا بها، وأخذت الروم أربعة ضياع بما حَوَتْ، فراسل سيفُ الدولة ملكَ الروم وبذل له مالًا يعطيه إيّاه في ثلاثة أقساط، فقال: لا أجيبه إلّا [أن] [5] يُعْطيني نصفَ الشام، فإنّ طريقي إلى ناحية الموصل على الشام، فقال سيف الدولة: والله لا أعطيه ولا حجرًا واحدًا.

ثم جالت الروم بأعمال حلب، وتأخّر سيف الدولة إلى ناحية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015