ولمّا أراد وداع المقتدر جاءه خادم من خواصّ المقتدر فقال: إنّ الخليفة قد حفر لك زُبْيَةً بدار الشَّجرة، وأمر أنّ تفرد إذا دخلت، ويمر بك عَلَى الزُبْيَة فتكون قبرك.
فامتنع من وداع المقتدر [1] .
وركب إلى مؤنس الأمراء والغلّْمان كلّهم، ولم يبق بدار الخليفة أحد ولبسوا السّلاح، فقال لَهُ أبو الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان: أيها الأستاذ، لَا تخف، فلنقاتلن بين يديك حتّى تنبت لك لحية [2] .
فبعث لَهُ المقتدر ورقة بخطه يحلف بالأيمان المغلظة عَلَى بطلان ما بلغه، ويعرفه أَنَّهُ يأتي الليلة ليحلف لَهُ مشافهة. فصرف مؤنس القواد إلى دار الخلافة، ولزم أبو الهيجاء باب مؤنس. وبعث المقتدر نصرًا الحاجب، فأحضروا مؤنسًا إلى الحضرة، فقبّل يدي المقتدر، فحلف لَهُ المقتدر أَنَّهُ صافي النية لَهُ وودعه.
وسار إلى الثغور فالتقى مَعَ الروم، وقتل منهم خلقًا [3] .
وفيها ظهرت الديلم عَلَى الرّيّ والجِبال، وأوّل من غلب لنكي [4] بن