أنْعى إليك بيانًا تستبشر [1] له ... أقوال كلِّ فصحٍ مَقُول فَهم
أنْعى إليك إشارات العُقول معًا ... لم يَبْق مِنْهنّ الّا دارسُ الْعِلْمَ [2] .
أنْعى- وحقَّك- أحلامًا [3] لطائفةٍ ... كانت مطاياهم من مكمد الكِظَمِ
مضى الجميعُ، فلا عَيْنُ ولا أثرُ ... مُضِيّ عادٍ وفِقْدَانَ الأُولَى إرَم
وخلفوا معشرًا يَجْدُون [لِبستَهم] [4] ... أعمى من البَهْم بل أعمى من النَّعَمِ
[5] ثم سكت، فقال خادمه أحمد بن فاتك: أوْصِني يا سيّدي.
فقال: هي نفسُك إنّ لم تَشْغلْها شَغَلتْك [6] .
فلمّا أصبحنا أُخرج من الحبْس، فرأيته يتبخْترَ في قَيده ويقول:
نديمي غير منسوبِ [7] .
الأبيات.
ثمّ حُمِل وقُطِّعت يداه ورِجْلاه، بعد أن ضُرِب خمسمائة سوط، ثم صُلب، فسمعته وهو على الْجِذْع يناجي ويقول: إلهي، أصبحتُ في دار الرّغائب انظر إلى العجائب، إلهي إنّك تتودّد إلى مَن يؤذيك، فكيف لَا تتودّد إلى من لَا يؤذَى فيك [8] .
ثمّ رأيتُ أبا بكر الشِّبْليّ وقد تقدَّم تحت الْجِذْع، وصاح بأعلى صوته يقول: أَوَلم أَنْهَكَ عن العالَمين [9] .
ثمّ قال له: ما التَّصوّف؟ قال: أهون مرقاةٍ عندي [10] ما ترى.