-ع: بلال بْن رباح الحَبَشيّ، [أَبُو عبد الكريم] [المتوفى: 20 ه]
مولى أبي بكر الصِّدِّيق، وأمُّه حَمَامة.
كان من السابقين الأوّلين الذين عُذّبوا في الله، شَهِد بدْرًا، وكان مؤذن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: ابن عُمَر، وأبو عثمان النَّهْدي، والأسود بْن يزيد، وعبد الرحمن بْن أبي ليلى، وجماعة.
كُنْيَتُه أَبُو عبد الكريم، وقيل: أَبُو عبد الله، ويقال: أبو عمر.
قَالَ ابن مسعود في حديث المعذبين في الله، قَالَ: فأمّا بلال فهانت عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فأعطوه الولدان يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: " أحدٌ أحد ".
وَقَالَ هشام بْن عُرْوة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مرَ ورقة بْن نوفل ببلالٍ وهو يُعَذَّب على الإسلام، يُلْصِق ظهره برمْضاء البطْحاء وهو يَقُولُ: " أحد أحد "، فَقَالَ ورقة: أحد أحد، يا بلال صبْرًا، والذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا. -[113]-
ورواه بعضهم عَنْ هشام، عَنْ أبيه، عَنْ أسماء. وهذا مُشْكِلٌ، لم يثبت أن ورقة أدرك المبعث ولا عدَّ صحابيًا.
وَقَالَ غيره: فلمّا رأى أَبُو بكر بلالًا يعذبه قومهُ اشتراه منهم بسبع أواق وأعتقه.
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَأَنَسٍ يَرْفَعَانِهِ، قَالَ: " بِلَالٌ سَابِقُ الْحَبَشَةِ ".
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لِبِلَالٍ: " حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَةَ نَعْلَيْكَ فِي الْجَنَّةِ ". قَالَ: مَا تَطَهَّرْتُ إِلَّا صَلَّيْتُ مَا كُتِبَ لِي.
وَيُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " نِعْمَ الْمَرْءُ بِلَالٌ، سَيِّدُ الْمُؤَذِّنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا عَامَ الْفَتْحِ فَأَذَّنَ فَوْقَ الْكَعْبَةِ.
وَقَالَ عليّ بْن زيد وغيره، عَنْ سعيد بْن المسيب: إن أبا بكر لما قعد على المنبر يوم الجمعة قَالَ له بلال: أعتقتني لله أو لنفسك؟ قَالَ: لله، قَالَ: فأْذَنْ لي حتى أغزو في سبيل الله، فأَذن له، فذهب إلى الشام، فمات هناك.
وَقَالَ زيد بْن أسلم، عَنْ أبيه قَالَ: قدمنا الشام مع عُمَر فأذن بلال، فذكر النَّاس النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم أر باكيًا أكثر من يَوْمَئِذٍ.
وروى سليمان بْن بلال بْن أبي الدَّرْدَاء، عَنْ أمّ الدَّرْدَاء، عَنْ أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لما دخل عُمَر الشام سأل بلالُ عُمَر أن يُقِرَّه بالشام ففعل، -[114]- قَالَ: وأخي أَبُو رُوَيْحة الَّذِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وبيني، قَالَ: نعم، فنزل داريا في خولان، فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان، فقالا: إنا قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تُزَوِّجونا فالحمد لله، وإنْ تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله، فزوَّجوهما.
ثُمَّ رأى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ له: " مَا هذه الجفوة؟ أما آن لك أن تزورني؟ " فانتبه، وركب راحلته حتى أتى المدينة، فذُكِرَ أنه أذَّن بها فارتجت المدينة، فما رُئي يَوْمٌ أكثر باكيًا بالمدينة من ذلك اليوم.
وَقَالَ ابن المنكدر، عن جابر: كان عُمَر يَقُولُ: أَبُو بكر سيدنا، واعتق سيدنا؛ يعني بلالًا.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: بلغ بلالًا أن ناسًا يفضلونه على أبي بكر، فَقَالَ: كيف وإنما أنا حسنةٌ من حسناته!
وَقَالَ مكحول: حدثني من رأى بلالًا رجلًا آدمَ شديد الأدمة، نحيفًا، طوالًا، أجنى، له شعر كثير، خفيف العارضين، به شمطٌ كثير.
قَالَ يحيى بْن بكير: تُوُفيّ بلال بدمشق في الطاعون سنة ثماني عشرة.
وَقَالَ محمد بْن إبراهيم التَّيْمِيُّ، وابن إسحاق، وأبو عُمَر الضرير، وجماعة: تُوُفيّ سنة عشرين بدمشق.
وَقَالَ الواقِديّ: دُفِنَ بباب الصغير وله بضع وستون سنة.
وَقَالَ عليّ بْن عبد الله التميمي: دفن بباب كيسان.
وَقَالَ ابن زبر: تُوُفيّ بداريَّا، ودُفِن بباب كيسان. وَقَالَ غيره: -[115]- دُفِنَ بداريّا. وروي أنه مات بحلب؛ رواه عثمان بْن خرزاذ عَنْ شيخ له.