إن المأمون جعل وَلِيَّ العهد من بعده عليَّ بْن موسى الرضا، وخلع أخاه القاسم ابن الرشيد، وأمر بترك السَّواد ولِبْس الخُضْرة في سائر الممالك، وتم ذلك عنده بخراسان. فعظم هذا عَلَى بُنيّ العبّاس، لا سيما أهل بغداد. وثاروا وخرجوا عَلَى المأمون، وطردوا الحَسَن بن سهل من بغداد، وبايعوا إبراهيم ابن المهدي بالخلافة وغيرها.
وكتب المأمون إلى إسماعيل بْن جعفر بْن سليمان العباسي أمير البصرة يأمره بِلْبس الخُضْرة، فامتنع ولم يبايع بالعهد لعليّ الرِّضا. فبعث المأمون عسكرًا لحربه، فسلّم نفسه بلا قتال، فحمل هو وولداه إلى خراسان وبها المأمون، فمات هناك.
وفيها عسكر منصور ابن المهديّ بكَلْوَاذا، ونصّب نفسه نائبًا للمأمون ببغداد، فسمّوه الْمُرْتَضَى، وسلَّموا عَلَيْهِ بالخلافة، فامتنع من ذَلِكَ وقال: إنّما أَنَا نائب للمأمون، فلمّا ضَعُف عَنْ قبول ذلك عدلوا عنه إلى أخيه إبراهيم ابن المهدي فبايعوه. وجرت فتنة كبيرة، واختبط العراق. -[8]-
وفيها وُلّي المغربَ زيادة اللَّه بْن إبراهيم بن الأغلب التَّميميّ لبني العبّاسيّ بعد موت أخيه عَبْد اللَّه، وبقي في الإمرة اثنتين وعشرين سنة.
وفيها تحرك بابك الخرمي.
وفيها توفي أبو أسامة الكُوفيُّ، وحماد بن مسعدة، وحرمي بن عمارة، وعلي بن عاصم.