ملوكًا واصْطَفى من خير خلقه رسولًا؛ أَكْرَمه نسبًا، وأصدقه حديثًا، وأفضله حَسَبًا، فأنزل عَلَيْهِ كتابه، وائْتَمَنه عَلَى خَلْقه، فكان خِيَرَةَ اللَّه من العالمين، ثمّ دعا النّاس إلى الْإِيمَان فآمن بِهِ المهاجرون من قومه وَذَوِي رَحِمه، أكرم النّاس أَحْسابًا، وأحسن النّاس وجوهًا، وخير العالمين فَعالًا، ثمّ كَانَ أول الخلق استجابةً إذْ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحنُ، فنحنُ الأنصار، أنصارُ اللَّه ووزراءُ رسوله، نقاتل النّاس حتّى يؤمنوا بالله ورسوله. فمَنْ آمَنَ مَنَع مالَهُ ودَمَهُ، ومن كفر جاهدناهُ فِي اللَّه أبدًا، وكان قَتْلُه علينا يسيرًا. أقول قَوْلِي هذا وأستغفر اللَّه للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم.

فقام الزِّبْرِقانُ بْن بدر، فقال:

نحن الكرام فلا حي يعادلنا ... من الْمُلُوكُ وفينا تُنْصَب البيَعُ

وكَمْ قَسَرْنا من الأحياءِ كُلِّهُم ... عِنْدَ النِّهابِ وفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَع

ونحن نطعم عند القحط مطعمنا ... من الشِّواء إذا لم يُؤْنَسِ القَزَع

بما تَرَى النَّاسَ تَأْتِيَنا سَرَاتُهمُ ... من كلّ أرضٍ هُوِيًّا ثمّ نَصْطَنِع

فِي أبياتٍ.

فقال النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُمْ يا حَسَّانُ، فأَجِبْهُ. فقال حسّان:

إنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وإِخْوَتهمْ ... قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ

يَرْضَى بها كلُّ مَنْ كانتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الإلهِ وكلَّ الخير يصطنِع

قَوْمٌ إذا حَارَبوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمُ ... أوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أشْيَاعِهم نَفَعوا

سَجِيَّةٌ تِلْكَ مِنْهُم غَيْرُ مُحْدَثَةٍ ... إنّ الخلائقَ فاعْلَمْ شرُّها البِدَع

فِي أبيات.

فقال الأقرع بْن حابس: وَأَبي، إنّ هذا الرجل لَمُؤَتًّى لَهُ. إِنَّ خطيبه أفْصَحُ من خطيبنا، ولَشاعره أشعر من شاعرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015