وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ هُوَ ابْنُ بَرْصَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ يَقُولُ: " لَا تُغْزَى مَكَّةَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".
وقال محمد بن فضيل: حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةٍ، وَكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى. فَأَتَاهَا خَالِدٌ وَكَانَتْ عَلَى ثَلاثِ سَمُرَاتٍ. فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ، وَهَدَمَ الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا.
ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: " ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ". فَرَجَعَ خَالِدٌ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا فِي الْجَبَلِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ، وَإِلا فَمُوتِي بِرَغْمٍ! فَأَتَاهَا خَالِدٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا تَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا. فَعَمَّمَهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " تِلْكَ الْعُزَّى. أَبُو الطُّفَيْلِ لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَ بِلالا فَعَلا عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَذَّنَ عَلَيْهَا. فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ سَعِيدًا قَبْلَ أَنْ يَرَى هَذَا الأَسْوَدَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ!
وَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلالا يَوْمَ الْفَتْحِ، فَأَذَّنَ عَلَى الْكَعْبَةِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ - أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أم هانئ بنت أبي طالب حدثته أنه لَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ فَرَّ إِلَيْهَا رَجُلَانِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَأَجَارَتْهُمَا. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَقْتُلُهُمَا. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا رآني رحب بي، فَقَالَ: " مَا جَاءَ بِكِ يَا أُمِّ هَانِئٍ؟ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كُنْتُ قَدْ