فَيَقْتُلُهُ؟ "
قَالُوا: مَا يُدْرِينَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فِي نَفْسِكَ؟ هَلا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: " إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِنَبِيٍّ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ ".
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاق: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر قَالَ: قدِم مِقْيس بْن صُبابة عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وقد أظهر الإِسلامَ، يطلُب بِدَمِ أخيه هِشام، وكان قتله رجلٌ من المسلمين يَوْم بني المُصْطَلِق ولا يحسبه إلّا مُشْرِكًا.
فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّما قُتِل أخوك خطأ، وأمرَ لَهُ بديَته، فأخذها. فمَكَث مَعَ المسلمين شيئًا، ثمّ عَدَا عَلَى قاتل أخيه فقتله، ولحِق بمكة كافرًا. فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامَ الفتح بقَتْله، فقتله رجلٌ من قومه يقال لَهُ: نُمَيْلَة بْن عَبْد اللَّه بين الصَّفَا والمَرْوَة.
وحدّثني عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر، وأبو عُبَيْدة بْن مُحَمَّد بْن عمّار - أَنّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما أمر بقتل ابن أَبِي سَرْح؛ لأنه كَانَ قد أسلم، وكتب لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوَحْيَ. فرجع مُشْرِكًا ولَحِق بمكة.
قَالَ ابن إِسْحَاق: وإنّما أمر بقتل عَبْد اللَّه بْن خَطَلَ أحد بني تيم ابن غَالب؛ لأنه كَانَ مسلمًا، فبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مَوْلًى يخدمه وكان مسلمًا. فنزل منزلًا، فأمر الموْلى أنَّ يذبح تَيْسًا ويصنع لَهُ طعامًا، ونام فاستيقظ ولم يصنع لَهُ شيئًا فقتله وَارْتَدَّ. وكان لَهُ قَيْنَة وصاحبتُها تغنّيان بهجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر بقتلهما معه، وكان ممّن يؤذي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ يعقوب القمي: حدثنا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ عَنِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ جَاءَتْ عَجُوزٌ حَبَشِيَّةٌ شَمْطَاءُ تَخْمِشُ وَجْهَهَا وَتَدْعُو بِالْوَيْلِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنا كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: " تِلْكَ نَائِلَةُ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا ". كَأَنَّهُ منقطع.