بينهم وبين رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخرج عَمْرو بْن سالم الخُزاعيّ فقدم عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طائفةٍ مستغيثين بِهِ، فوقف عَمْرو عَلَيْهِ، وهو جالس فِي المسجد بين ظَهْرَيِ النّاس فقال:
يا ربّ إنّي ناشدٌ محمَّدا ... حلف أبينا وأبيه الأْتلَدا
قد كنتُمُ ولدًا وكنّا والدا ... ثمت أَسْلَمنا فلم ننزعْ يَدَا
فانصُرْ هَدَاك اللَّه نَصْرًا أعْتَدَا ... وادع عبادَ اللَّه يأتُوا مدا
فيهم رَسُول اللَّهِ قد تجرَّدا ... إنْ سِيمَ خسفًا وجهه تَرَبّدَا
فِي فيلق كالبحر يجري مُزْبدا ... إنّ قُريشًا أَخْلفوك المَوْعِدا
ونقضوا ميثاقَكَ المُؤَكَّدا ... وجعلوا لي فِي كَدَاءَ رَصَدا
وزعموا أنْ لستُ أدعو أحدَا ... وهم أذَلُّ وأقَلُّ عَدَدا
هم بَيَّتُونا بالوَتِير هُجَّدا ... وقتلونا رُكَّعًا وسجدا
فانصُرْ هداكَ اللَّه نصرًا أيّدا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نصرت يا عَمْرو بْن سالم! "
ثمّ عُرِضَ لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنان من السّماء، فقال: إنّ هذه السحابة لتستهلّ بنصر بني كعب يعني خزاعة. رواه أطول من هذا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن الزهري سماعا، عَنْ عُرْوَة، عَنِ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة، ومروان بن الحكم.
وقال ابن إسحاق: ثمّ قدم بُدَيل بْن وَرْقاء فِي نفرٍ من خُزاعة عَلَى النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبروه، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كأنّكم بأبي سُفْيَان قد جاءكم ليشدّ العقْد ويزيد فِي الْمُدَّةِ! ومضى بُدَيْل وأصحابه فلقوا أَبَا سُفْيَان بْن حرب بعُسْفان، قد جاء ليشدّ العقد ويزيد فِي المدّة، وقد رهبوا الَّذِي صنعوا. فلمّا لقى بُدَيْل بْن وَرْقَاء قَالَ: من أَيْنَ أقبلت يا بديل؟ وظن أنه أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سرت في خزاعة على الساحل. فقال: أوما جئت محمدا؟