-سنة تسع وثمانين وستمائة

فيها ثارت عرب الصَّعيد، فسار لتسكين الأهواء نائب السّلطنة طرنطاي، فسكّنهم وأخذ خلقًا من أعيانهم رهائن، وأخذ سائر أسلحتهم، وأكثر خيولهم، وأحضر الجميع إلى القاهرة. فكانت أسلحتهم عدّة أحمال.

وفيها عاد عزّ الدّين أيْبك الأفرم من بلاد السودان برقيقٍ كثير وفيل صغير.

وفيها درسّ الشيخ صفيّ الدّين الهنديّ بالدَّولعيَّة وعلاء الدّين ابن القاضي تاج الدّين ابن بِنْت الأعزّ بالظّاهرية بعد خنق رشيد الدّين الفارقي.

ودرّس تقيّ الدّين ابن الزّكي بالتَّقويّة بالخِلْعة والطَّيْلَسان من جهة صاحب حماة، ودرّس بدر الدين أبو اليسر ابن الصائغ بالعمادية.

وفي جمادى الآخرة رتِّب خطيبًا بالجامع الأمويّ العلامة زين الدين ابن المرحل الوكيل، فتكلّموا فِيهِ، حتّى قَالُوا إنّه يلْحن في الفاتحة ولا يحفظ الختمة واستفتوا عَلَيْهِ، ثمّ استمر وأوذيّ من تكلّم فِيهِ واستمرّ فِي الخطابة -[431]-

وكان من بُلغاء الخطباء وكبار الأئمة، فاستقرّ على رغم من ناوأه.

وفيه ولي القضاء شرف الدين الحسن ابن الشَّرف الحنبليّ بعد ابن عمّه القاضي نجم الدين.

ووُلّي تدريس الجوزيّة القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان والخطابة بالجبل ولد المُتَوفي القاضي نجم الدّين.

وفيها قررت الأخباز بأطرابلس، واستخدام بها ستمائة فارس.

وفيها مُسِك الأمير سيف الدّين جرمك النّاصريّ.

ومُسِك شمس الدّين ابن السَّلعُوس وحُبس مُدَيدة، ثم أفرج عَنْهُ بمصر ولزِم بيته وسار مع الركب المصري وحج.

وفيها ولي نظر الجامع وجيه الدّين ابن المنجى.

وفيها قُبض عَلَى ناصر الدّين ابن المقدِسيّ واعتقُل بالعَذْراويّة، ثمّ شنق نفسه والظّاهر أنّه شُنق لأنّه طلب إلى مصر، فخافوا من مرافعته وبتّوه، وكان ظالمًا مرافعًا، فقيهًا فِي فتح أبواب الشر والحيل، سامحه الله.

وفيها ولي نيابة غزّة أحد أمراء دمشق عزّ الدين الموصلي.

وفي رجب وقع حريق كبير بدرب اللّبّان، واتّصل بدرب الوزير بدمشق واحترقت دار صاحب حماة بحماة، وعملت النّار فيها يومين، وكان هُوَ فِي الصَّيد وراح فيها من الأموال والمتاع ما لا يوصف.

وفيها درّس بأمّ الصّالح بعد ناصر الدّين ابن المقدسيّ إمامً الدّين القزوينيّ الّذي وُلّي القضاء.

وفيها قدِم عكا طائفةٌ من الفرنج غتمٌ، فثاروا بها وقتلوا من بها من التّجّار المسلمين.

ودرس بالرواحية البدر أحمد ابن ناصر الدّين المقدسيّ المشنوق بعد والده ولم يكن أهلًا لذلك، بل فعلوا ذَلِكَ تطييبًا لقلبه.

وفي شوّال توجّه الأمير المُشد شمس الدّين الأعسر إلى وادي مربّين من البقاع لقطع الأخشاب للمجانيق، فقطع منها ما يحار فِيهِ النّاظر من عِظمه وطُوله وجرّها إلى دمشق وسُخّرت الأبقار والرّجال وقاسى الخلْق مَشَاقًا لا توصف , وهي خشب صَنَوْبر، غرِم عَلَى كل عودٍ منها جملة، حتّى قَالَ من لَهُ خبرة من وُلاة النّواحي: ناب العُودَ منها خمسون ألفاً. -[432]-

وفيها خرج من دمشق المحمل والسّبيل مَعَ الزُّوباشيّ وعزم السّلطان عَلَى الحجّ، فلمّا بلغه نكْث أهل عكّا غضب واهتمّ لغزوهم وضرب الدَّهْليز بظاهر القاهرة. وأخذ فِي التأهُب، وخرج إلى الدَّهليز، وهو متوعَّك فِي شوّال، ثمّ مرض ومات في ذي القعدة.

وجاءت الأخشاب المذكورة إلى المِزّة، ثمّ شُحِطت إلى الميادين، وكانت منظرًا مُهولًا، وقد رُبّع سفْل العُود وسُفّط، وهو نحو ذراع وثُلث بالنّجار وأكثر. ثمّ رأوا أنها لا تنفع للمنجنيق، فلما ولي الشّجاعيّ نيابة دمشق أدخل بعضها فِي عمارة دار السّلطنة بالقلعة، ثم نشر بعضها، وعُمِل منه أبواب الجامع التي فِي الرواق الثالث.

وفي ذي القعدة أمسك الأمير بدر الدّين المسعوديّ بدمشق نائب الخَزْندار، وأمسك مخدومة طرنطاي فِي ذي القعدة فِي أواخره بمصر، وبُسِط عليه العذاب إلى أن تلف.

وخُطب للملك الأشرف صلاح الدّين يوم تاسع عشر ذي القعدة بدمشق.

ثمّ جاء مرسوم لتاج الدّين ابن الشّيرازيّ بوكالة بيت المال مُضافًا إلى الحسْبة.

وطُلِبَ الأمير بكتوت العلائيّ إلى مصر وأُكرم.

وتوجَّه صاحب حماة إلى مصر مهنئًا فِي ذي الحجة، وخُلِعَ عَلَى مُعين الدّين ابن المغُيْزل، وولاه تدريس التقوية.

واشتدّ البلاء بالعراق بدولة اليهود الّتي من سعد الدولة الطبيب وآذوا الرعية.

وخرِب للحجّاج قيمةٌ كبيرة بمكّة، وقتل نحو أربعين نفساً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015