-سنة إحدى وثمانين وستمائة

سلطان مصر والشام، الملك المنصور وصاحب العراق وخُراسان وغير ذَلِكَ: أَحْمَد بْن هولاوو.

وفي صفر قبض المنصور بمصر عَلَى بدر الدين بَيْسَري وكُشْتُغْدي الشّمسيّ، فبقيا فِي السّجن تسعة أعوام.

وفيه ولي تدريس الأمينيّة القاضي شمس الدّين ابن خلكان.

وفي رجب نابَ فِي القضاء شمس الدّين الأبهري.

وفي رجب درس بالأمينية الشيخ علاء الدين ابن الزَّمْلكَانيّ بعد موت ابن خَلِّكان، ودرَّس شمس الدين ابن الحريري بالفَرُّخْشاهيّة بعد موت الجمال يَحْيَى مدرِّسها.

قَالَ قُطْب الدّين: وفي أوائلها تسلطن الملك أَحْمَد وله نحو ثلاثين سنة، فأمر بإقامة شعائر الإِسْلَام وضرب الجزية عَلَى الذمة، ويُقال: إنه أسلم صغيراً وأبوه حي.

وفيها ولي الوزارة بمصر نجم الدّين ابن الأصفوني، وأصفون من قرى قوص، وولي قضاء القاهرة شهاب الدّين ابن الخُويي.

وفيها قدِم رسول الملك أَحْمَد، وهو بهاء الدين أتابك الروم، وشمس الدين ابن التيتي الآمِديّ، وقُطْب الدّين الشيرازيّ العلامة، وزاروا القدس، والخليل فِي طريقهم، وكان سيرهم فِي اللّيل.

وفي ليلة الإثنين حادي عشر رمضان احترقت اللبادين والكتبيين، -[418]-

والخواتميين والزجاجين وبعض سوق الأساكفة والمرجانيّين وما فوق ذَلِكَ وما تحته من الأسواق والقياسير والفوّارة، وكان حريقًا عظيمًا مَهُولًا، ذهب فِيهِ من الأموال ما لا يُحصى ولم يحترق فِيهِ أحد، وأصله أنّ دكّان أولاد الجابي كانت إلى جنب دكّان أَبِي وعملوا مجمرة نار على العادة، ووضعت في البويت وخرج الخارج بزعجة، ودفع الكِساء الّذي يكون عَلَى الباب، فرمى المجمرة وأغلق الدّكّان وذهب للإفطار، فعملت النّار والنّاس فِي إفطارهم، واشتدّ الدُّخان وخرجت من الدكان قبل عشاء الآخرة، فعلقت بالسُّقوف العُتْق والبواري، واشتدّ عملها وعجزوا عَنْهَا، وجاء الوالي ونزل ملك الأمراء حسام الدّين لاجين، فأعجزتهم وقُضي الأمر، واستمرّت إلى نصف اللّيل، ولولا لُطف اللَّه لاحترق الجامع واجتهدوا فِي إطفائها بكلّ ممكن، ثمّ اهتمّ بذلك محيي الدّين ابن النّحّاس ناظر الجامع اهتمامًا لا مَزِيد عَلَيْهِ، وشرع فِي عمارته، فبني ذَلِكَ وتكامل فِي سنتين , وبعض ذَلِكَ وقف المارستان الصّغير.

قَالَ شمس الدين ابن الفخر: إن فخر الدين الكتبي أحرق لَهُ كُتُب بعشرة آلاف درهم، وأنّ الشّمس الكتبي - يعني الفاشوشة - ذهب لَهُ كُتُب ومالٌ فِي الحريق بما يقارب مائة ألف، قَالَ: وكان مُغَلّ الأملاك المحترقة - يعني الأوقاف - فِي السنة مائة ألف وأربعين ألف درهم.

قلت: وفُرقت هذه الأسواق، فعملوا سوق تجّار جَيْرون عَلَى باب دار الخشب، وسكن الزّجّاجون عند حمّام الصَّحن، وسكن الذَّهبيون فِي أماكن إلى أن تكامل البنيان وعادوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015