في المحرَّم قال أبو شامة: درّست بالرُّكْنيّة الملاصقة للفلكية.
قال: وفي صفر دخل دمشق الخليفة الحاكم بأمر الله الّذي بايعه بُرْلُو بحلب، ثمّ سافر إلى مصر.
وفي رجب جرى على الشّمس محمد بن مؤمن الحنبليّ أمرٌ بتعصُّب جماعةٍ عليه وحُمِل إلى والي دمشق وهم بتجريصه.
قال قُطْبُ الدّين: في يوم الخميس ثامن المحرَّم جلس السُّلطان مجلسًا عامًّا وحضر الحاكم بأمر الله راكبًا إلى الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجلس مع السّلطان، بسطوا له إلى جانبه، وذلك بعد ثُبُوت نَسَبه، فأقبل عليه السّلطان وبايعه بإمرة المؤمنين، ثمّ أقبل هو على السّلطان الملك الظّاهر وقلّده الأمور، ثمّ أخذ النّاس يُبايعون الخليفة على طبقاتهم، فلمّا كان من الغد خطب يوم الجمعة خطبةً ذكر فيها الجهاد والإمامة وتعرَّض إلى ما جرى من هتّك حَرَم الخلافة، ثمّ قال: وهذا السّلطان الملك الظّاهر قد قام بنصر الإمامة عند قلّة الأنصار وشرَّد جيوش الكُفْر بعد أن جاسوا خلال الدّيار، فبادِروا إلى شُكْر هذه النّعمة ولا يَرُوعَنّكم ما جرى، فالحرب سِجال.
وأوّل الخطبة: " الحمد لله الّذي أقام لآل العبّاس رُكنًا وظهيرًا، قال: ثمّ كتب بدعوته إلى الآفاق، ثمّ -[8]-
خَطَبَ الحاكم جمعةً أخرى بعد مدّة، وهو التّاسع والثّلاثون من خُلفاء بني العبّاس، وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهراً.
قال: وفي صفر جمع صاحب سيس تكفُور جَمْعًا وأغار على الفُوعَة وسرمين، وَمَعَرَة مِصْرين، وأسر من الفوعة ثلاثمائة وثمانين نفسًا، فساق وراءه جماعةٌ كانوا مجرَّدين بسرمين فهزموه وتخلص بعض الأسرى.
وفي ربيع الآخر خرج الملك الظّاهر من القاهرة، فلمّا قدِم غزَّة نَزَلَت إليه أُمُّ المغيث صاحب الكَرَك تشفع في ولدها فأكرمها، ثمّ رحل إلى الطُّور وغلت الأسعار ولحِق الجيشَ مشقةٌ عظيمة والرُّسُل تتردّد إلى صاحب الكَرَك تطلبه، وهو يسوِّف خوفًا من القبض عليه، ثمّ إنّه نزل، فلمّا وصل تلقّاه السّلطان وأكرمه ومنعه من التَّرجُّل له، ثمّ أرسل تحت الحوطة إلى قلعة مصر وكان آخر العهد به، ثمّ توجّه السّلطان إلى الكَرَك، وكَاتَبَ مَن فيه بتسليمه، فوقع الاتفاق على أن يؤمَّر الملك العزيز عثمان ابن المغيث، فأعطاه خُبْزَ مَائةِ فارسٍ بمصر، ثمّ دخل السطان إلى الكَرَك في جُمَادى الآخرة، ثمّ سار إلى مصر.
وفي رجب أمسِك ثلاثة أمراء لكونهم حطّوا على السّلطان في إعدامه الملك المغيث، وهم الأمير شمس الدّين أقوش البُرليّ والأمير سيف الدّين بلَبَان الرّشيديّ، والأمير عزّ الدّين أيْبَك الدّمياطيّ.
وفي رجب جاءتْ رُسُل بَرَكة ملك التّتار يخبرون أنه محب للإسلام ويشكو من ابن عمّه هولاكو، فأرسل إليه الملك الظاهر هدية وصوب رأيه.
وفيه وصلت طائفة من التّتار مستأمنين مسلمين، ثمّ وصلت طائفة كبيرة مقدَّمُهم الأمير كرمون، فتلقاهم السلطان وأنعم عليهم.
وفي شعبان وُليّ الأستاذ دارية جمال الدّين ابن يغمور.
وفي شوّال سافر السّلطان إلى الإسكندريّة فأقام بها نحوًا من شهر، ثمّ -[9]-
عزل ناصر الدّين ابن المنير من قضائها بالبُرهان إبراهيم بن محمد البوشي.
وجَرَت وقعةٌ هائلة بين هولاكو وبركة، وكانت الدّائرة على هولاكو، وقُتِل خلْقٌ من أصحابه وغرق آخرون ونجا هو بنفسه.
وقال أبو شامة: في صَفَر سُمِّر شابٌّ، وخُنِقت امرأتُه فعُلِّقت في جَوْلَقٍ تحته، كانت تتحيَّل على النّساء وتودّيهم إلى الأفراح متلبّسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها، ويرميها في بئر، فعل ذلك بجماعةٍ من النّساء، فبقي مُسمَّرًا يومين ثمّ خنق، وذلك بدمشق.