-حوادث سنة إحدى وخمسين وستمائة

استهلَّّت وسلطان مصر الملك الأشرف ابن صلاح الدّين ابن أقْسِيس وأتابكه الملك المُعِزّ أيْبَك، وسلطان الشَّام إلا اليسير الملك النّاصر يوسف.

وفيها رجع الباذرائي ونظامُ الدين ابن المَوْلى من القاهرة بخلاص الذين أسرتهم البحرية فِي وقعة الصَّالحية بآخر الرمل فِي سنة ثمانٍ وأربعين. وهم الملك المعظَّم تورانشاه ابن السُّلطان صلاح الدين، وأخوه النُّصرة، والملك الأشرف ابن صاحب حمص، وأولاد الملك الصالح إِسْمَاعِيل، وشهاب الدّين القَيمُري.

وفي آخرها، وقيل فِي الآتية، قدِمتْ ابنة السُّلطان علاء الدين من الروم على زوجها السلطان الملك الناصر، وفي خدمتها شوباشيّ معه خمسمائة -[656]-

فارس، وجهازها وثَقْلها على ألف جَمَل، ومحفّتُها بأطلس مُكلّلة بالجوهر والذَّهب، فبُسِط البُسُط بين يدي دابتها، وكان يومًا مشهودًا، وعُمل لها عرسٌ لم يُسمع بِمِثْلِهِ من الأعمار بدمشق. وهي بنت ابنة السلطان العادل.

وفيها تقرّر الصُّلح بين المصريين والملك النّاصر على أن تكون للمصريين غزَّة، والقدس، وحلفوا على ذلك. وقُطع بمصر خُبز الأمير حسام الدين بن أَبِي علي، فاستأذن فِي المُضيّ إلى الشَّام، فأُذن له، فقدِم على النّاصر فأحترمه وأعطاه خبزًا جليلًا.

وعظُم الفارس أقطاي الجَمدار بمصر، وصار يركب بشاويش وعَظَمة، والتفَّت عليه البحرية والجَمْداريَّة، وكانوا فِي نيَّة سلطنته. ونزل رُكْن الدين بيْبرس البُندقداري ببعض دار الوزارة، وصار من كبار أمراء الدولة، وكذلك سيف الدين بَلبَان الرَّشِيديّ، وشمس الدين سُنْقر الرُّومي، وشمس الدين سُنْقُر الأشقر، وعز الدّين الأفرم، وهم من حزب الفارس. والملك المعز خائف من ثورتهم، وكانت النّاصرية والعزيزية من حزبه، فأخذوا فِي الحيلة على إهلاك الفارس، وكانت الوقعة الجمعة.

وخرج من دمشق ركْب عظيم وسبيل كبير، ولكن كان الغلاء بمكّة شديدًا، أبيع شربة الماء بدرهم، والشاة بأربعين درهمًا. ومضوا وردوا على تيماء.

وفيها جَهْز طاغية المغْل إلى بلاد ما وراء النهر أخاه هولاكو، فسار من قُراقرم فِي جيشٍ كثيف، فبادر أرغوان إلى خدمته فأقره على خُراسان.

وفيها سار طائفةٌ من عسكر الملك النّاصر فنزلوا على عكا، ثم ملكوا كرْدانة وأحرقوا الطواحين، وساقوا إلى صيدا فأخذوها بالسيف فهرب أهلُها إلى قلعتها.

وفيها خرّبوا قلعة الجيزة.

وفيها منعوا الوُعاظ بالقاهرة من الوعظ لكون العماد الواعظ قال على المِنبر: خلق الله آدم بيده. وأشار إلى يده، فعزروه وعزموا على عقد مجلس له فلم يتّفق.

وفيها نزح خلْقٌ من الْجُنْد من بغداد إلى الشّام لقطع أرزاقهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015