ونفاسة وحَسَدًا، خرجوا إلى الخَنْدَمَة. فَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة، وأقام ثلاث ليالٍ، وكان ذَلِكَ آخر الشرط. فلما أصبح من اليوم الرابع أتاه سُهَيْلُ بْن عَمْرو وغيره، فصاح حُوَيْطِب بْن عَبْد العُزَّى: نناشدك الله والعقد لما خرجتَ من أرضنا فقد مضت الثلاث. فقال سعد ابن عُبَادة: كذبتَ لا أُمّ لك لَيْسَ بأرضك ولا بأرض آبائك، والله لا نخرج. ثُمَّ نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم سُهَيلًا وحُوَيْطبًا، فقال: " إنّي قد نكحت فيكم امرأةً فما يضرّكم أن أمكث حتى أدخل بِهَا، ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا ". قَالُوا: نناشدك الله والعقد، إلا خرجت عنّا. فأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رافع فأذّن بالرحيل. وَرَكِبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزل بطن سَرِف وأقام المسلمون، وخلَّف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رافع ليحمل ميمونة إِلَيْهِ حين يُمسي. فأقام بسرِف حتى قدِمت عَلَيْهِ، وقد لقيت عناءً وأذى من سُفهاء قريش، فبنى بِهَا. ثُمَّ أدلج فسار حتى قدم المدينة. وقدر الله تعالى أن يكون موتُ ميمونة بسَرِف بعد حين.
وَقَالَ فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ، وَلا يَحْمِلَ سِلاحًا إِلا سُيُوفًا، وَلا يُقِيمَ بِهَا إِلا مَا أَحَبُّوا. فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَدَخَلَهَا كَمَا صَالَحَهُمْ. فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاثًا أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ الواقدي: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْعُمْرَةُ قَضَاءً وَلَكِنْ شَرْطًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْتَمِرُوا قابل فِي الشَّهْرِ الَّذِي صَدَّهُمُ الْمُشْرِكُونَ.