روى نافع بْن أَبِي نُعيم، عَنْ نافع مولى ابن عُمَر قَالَ: كانت عُمْرة القضيّة فِي ذي القعدة سنة سبع.
وقال معتمر بن سلميان، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لما رجع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ خيبر، بعث سرايا وأقام بالمدينة حتى استهلّ ذو القعدة. ثم نادى في الناس أن تجهزوا إلى العُمْرة فتجهَّزُوا، وخرجوا معه إلى مكة.
وقال ابن شهاب: ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذي القِعدة حتى بلغ يَأْجَجَ وضع الأداة كلها: الحَجَف والمَجَانّ والرماح والنّبْل. ودخلوا بسلاح الراكب: السيوف. وبعث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعْفَرًا بين يديه إلى ميمونة بِنْت الحارث بْن حَزْن العامريّة فخطبها عَلَيْهِ، فجعلت أمرَها إلى العبّاس؛ وكانت أختها تحته وهي أمّ الفضل فزوّجها العبّاس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَلَمَّا قدم أمر أصحابه فقال: اكشفوا عَنِ المناكب واسعوا فِي الطَّواف، ليرى المشركون جَلَدَهم وقوَّتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع. فاستلف أهل مكة - الرجال والنّساء والصّبيان - ينظرون إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وهم يطوفون بالبيت. وعبد الله بْن رواحة يرتجز بين يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوشّحًا بالسيف يَقْولُ:
خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سبيله ... أَنَا الشهيد أنّه رسولهْ.
قد أنزل الرَّحْمَن فِي تنزيلهْ ... فِي صحف تُتْلى عَلَى رسولهْ.
فاليوم نضربكم عَلَى تأويلِهْ ... كما ضَربْناكم عَلَى تنزيلهْ.
ضرْبًا يُزيل الهامَ عَنْ مَقِيلَهْ ... وَيُذْهِلُ الخليلَ عَنْ خليلهْ.
وتغيّب رجال من أشرافهم أن ينظروا إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْظًا وحنقًا،