-سنة أربعين وستمائة

فيها عَزَمَ الصّالح صاحبُ مصر عَلَى قصدِ الشّام، فقيلّ لَهُ: البلادُ مختلفةٌ، فجهَّزَ الجيشَ وأقام.

وفيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بين صاحب ميَّافارقين شهاب الدّين وبين عسكر حلب. كانت الخَوارَزميّة قد خرَّبوا بلاد المَوْصِل وقُراها ومارِدينَ. وحَلَّفوا لصاحب ميَّافارقين وحَلَّفَ لهم، ووافقهم صاحبُ مارِدين. فجمع صاحب ميافارقين الخانات، وهم مقدموا الخَوارَزميّة وشاوَرَهم، فقال: لَا بُدَّ من تخريب بَلَد المَوْصِل، وقالوا هُمْ: لَا بُدَّ من اللّقاء. فلمّا كَانَ فِي المحرَّم رَكِبوا وطلَّبوا من جبلِ مارِدين إلى الخابور. وساقوا إلى المَجْدَل، ووقف الخانات مَيْمنةً ومَيْسرة، وغازي صاحب ميَّافارقين فِي القلب. وأقبلَ عسكر حلب فصَدَموا صدمة رَجُل واحد، فانهزمت الخَوارَزميّة، ورَكِبَ الحلبيون أقفيتهم أسرًا وقَتْلًا، ونَهَبوا أثقالَ غازي وعساكره، وأغنام التُّركمان ونساءهم. وكانوا خَلْقًا، وأبيع الفرسُ بخمسة دراهم، والشّاةُ بدرهمٍ، ونُهِبَت نَصيبينُ وسُبِيَ أهلُها. وقد نُهَبِت قبلَها مرارًا من المَوَاصِلة والخَوارَزميّة. ثمّ فعلوا كذلك برأس العين والخابور. وجرت قبائح.

وفيها مَلَكَ شهابُ الدّين غازي مدينة خِلاط.

وفي شوَّال قَدِمَ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هود مُرْسِية بجماعةٍ من وجوه الفرِنج، فملَّكَهم مرسية صلحا.

وفيها كان الوباء ببغداد، وزادت الأمراض. وتوفي المستنصر بالله، وبُويع ابنه المستعصمُ بالله أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن منصور، الّذِي استُشهد عَلَى يد التتار. -[32]-

وفيها سارَ من مصر الجيشُ لمحاصرة الصّالح إسماعيل، وعليهم كمال الدين ابن الشَّيْخ، فمات بغزَّة، فقيل: إنه سُقِيَ السُّمَّ.

قَالَ سعد الدّين الْجُوينيّ: وفي المحرَّم أخذت التتارُ أرْزَنَ الرُّوم، وقتلوا كلَّ من فيها. وانجفلَ أهلُ خِلاط، وتفرَّقوا خَوْفًا من التتّارِ. ثمّ حكى كسرة الحلبيين للمظفَّر وللخَوارَزميّة. ثمّ قَالَ: حكى شخصٌ من أهل نصيبين، قَالَ: نُهِبَت نصيبينُ فِي هذه السّنة سبع عشرة مرَّة: من المَوَاصِلة والمارِدانيّة والفارِقيّة، ولولا بساتيننا هجَّينا فِي البلاد، فما شاء اللَّه كَانَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015