فيها استوزر الخليفة الوزيرَ نصيرَ الدين ناصرَ بْن مهديّ العلويّ الحَسَنيّ، وخلع عَلَيْهِ خلعة الوزارة، فركب وبين يديه دواة عليها ألف مثقال، ووراءه المهد الأصفر وألوية الحمد والكوسات، والعهد منشور قُدّامه، والأمراء بين يديه مُشاة.
وفيها هرب الوزير أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن حَدِيدَة الأنصاريُّ المعزول من دار الوزير نصير الدين ابن مهديّ، وكان محبوسًا عنده ليعذّبه ويصادره، فحلقَ لِحْيته ورأسَهُ وهَرَب، فلم يظهر خبرُه إلا من مراغة بعد مدَّة، وعاد إِلى بغداد.
وفيها أغار ابن لاون الأرمنيّ عَلَى حلب، واستباح نواحي حارِم، فبعثَ الملكُ الظاهرُ غازي إِلَيْهِ جيشًا عليهم ميمون الكُرديّ، فتهاون، فكَبَسهم ابن لاون، وقتل جماعة من العسكر، وثبت أيبك فُطَيْس، وبلغَ الخبر الملكَ الظاهر، فخرجَ وقصدَ حارم، فهرب ابن لاون إِلى بلاده.
وفيها توجّه ناصر الدّين الأرتقيّ صاحب ماردين إِلى خِلاط بمكاتبة أهلها، فجاء المَلِك الأشرف موسى فنازل دُنَيْسر، فرجعَ ناصر الدّين إِلى ماردين بعد أن خسر مائة ألف دينار، ولم ينل شيئاً.
وفيها سَلَّم خُوارزم شاه مُحَمَّد إِلى الخطا تِرْمذ، فتألَّم الناس من ذَلِكَ، ثُمَّ بانَ أنَّه إنّما فعل ذَلِكَ مكيدة ليتمكن بذلك من مُلْك خُراسان، لأنّه لَمّا ملكَ خُراسان قصد بلاد الخطا وأخذها واستباحها وبدع.
وفيها قَصَدت الكُرْج أعمال خِلاط فقتلوا وأسروا وبَدَّعوا، فلم يخرج إليهم عسكر خِلاط، لأنّ صاحبَها صبيّ، فلمّا اشتد البلاء عَلَى المسلمين تناخوا، وحَرَّض بعضُهم بعضًا، وتَجَمَّعت العساكر والمُطّوعة، وعملوا مصافًّا مَعَ الكُرْج، وأمسكوا عَلَى الكُرْج مضيق الوادي، فقتلوا فيهم قتلًا ذَرِيعًا، وبعد ذلك تزوج صاحب أذربيجان أبو بكر ابن البهلوان بابنة مَلِك الكُرج، لأنّ الكُرج تابعت الغارات على بلاده، فهادنهم.
وفيها حُمِلَ إِلى إرْبِل خَرُوف وَجْهُهُ وجه آدمي، وتعجب الناس منه.
وفيها اتّفق علاء الدّين صاحبُ مَرَاغة ومظفَّر الدّين صاحب إرْبِل عَلَى -[10]- قَصْد أذربيجان وأخْذها، لاشتغال ابن البهلوان بالخُمور، وإهماله أمر المملكة، فسارا نحو تِبْريز، وطلبَ صاحبُها النّجدة من مملوك أَبِيهِ أيدغمش صاحب الرَّيّ وأصبهان، وكان حينئذٍ ببلاد الإِسماعيلية، فَنَجَده، ثُمَّ أرسلَ إِلى صاحب إرْبِل يَقُولُ: إنّا كُنّا نسمع عنك أنّك تحبّ الخير والعلم، وكُنّا نعتقد فيك، والآن قد ظهر لنا ضدّ ذَلِكَ لقصْدك قتال المسلمين، أما لك عقلٌ تجيء إلينا وأنت صاحب قرية، ونحن لنا من بَاب خُراسان إلى خِلاط وإرْبِل، ثُمَّ قُدِّر أنّك هَزَمت هذا السلطان، أما تعلم أنّ لَهُ مماليك أَنَا أحدُهم: فلمّا سَمِعَ مظفَّر الدّين ذَلِكَ عادَ خائفًا. ثُمَّ قصد أيدغمش وابن البهلوان مَراغة وحاصروها، فصالحهم صاحبها على تسليم بعض حصونه، وداهن.
وفيها سارَ المَلِك أيدغمش إِلى بلاد الإسماعيلية المجاورة لقزوين، فقتل وأسرَ ونهبَ، وحاصرهم فافتتح خمس قلاع، وصَمَّمَ عَلَى حصار الألمُوت واستئصال شأفتهم.
وفيها واقَعَ أيدغمش طائفةً من الخُوارزمية نحو عشرة آلاف، فكسرهم، وكانوا قد عاثوا وأفسدوا وقتلوا.
وفيها توالت الغارات من الكَلْب ابن ليون الأرْمنيّ صاحب سِيس عَلَى أعمال حلب، فسبى ونهبَ وحَرَّقَ، فجهّزَ صاحبُ حلب عسكرًا لحربهم، فاقتتلوا وكان الظَّفَر للأرمن - لعنهم الله.