جاءت الأخبار بما تمّ على الحجيج، عاث عُبَيْد مكَّة فِي الركْب، فثار عليهم أصحاب أمير الحاجّ، فقتلوا منهم جماعة، فردّوا إلى مكَّة وتجمّعوا، ثُمَّ أغاروا على جمال الحاجّ، فانتهبوا نحْوًا من ألف جَمَل، فركب أمير الحاجّ وجُنْده بالسّلاح، ووقع القتال وَقُتِلَ طائفة. ثُمَّ جمع الأمير النّاس، ورجع بهم ولم يطوفوا.
وفيها بُني ببغداد كشْك للخليفة وكشْك للوزير، وأنفق عليهما مبلغ عظيم.
وثارت بنو خَفَاجة بالعراق، فعاثت وأفسدت، وكانت القوافل تؤخذ إلى باب الحربية.
وفيها قتل العادل ابن الصّالح طلائع بْن رُزّيك، وقام بعده شَاور السعدي.
وفيها سار المؤيِّد أي أَبَه صاحب نَيْسابور، فاستولى على بسطام، -[22]- ودامغان، واستعمل عليهما مملوكه تنكز.
وفيها التقى المؤيِّد وصاحب مازَنْدَرَان وانتصر المؤيِّد.
وفيها بعث السّلطان أرسلان بْن طُغْرُل خِلَعًا وأَلْوِيةً معقودة وتقادم إلى المؤيِّد، وأمره أنّ يهتم باستيعاب تملك خُرَاسَان، فلبس الخِلَع. وكان السّبب فِي ذلك شمس الدِّين إِيلْدَكز أتابَك السّلطان. وكان إِيلْدَكز هُوَ الكلّ، وبينه وبين المؤيِّد ودّ وإخاء. وكانت الخطبة فِي مَرْو، وبلْخ، وهَرَاة وهذه البلاد للغُزَ سوى هَرَاة، فإنّها بيد أيْتكِين وهو مسالم للغز.
وفيها قتل صاحب الغور سيف الدِّين مُحَمَّد.
وفيها جمع نور الدِّين جيشه، وسار لغزو الفرنج، ونزل تحت حصن الأكراد ومن عزْمه محاصرة طرابُلُس، فتجمعت الفرنج وكبسوا المسلمين، فلم يشعر التُّرْك إلا بظهور الصُّلْبان من وراء الجبل، فبعثوا إلى نور الدِّين يعرّفونه، وتقهقروا فرهقتهم الفرنج بالحملة فهربوا، والفرنج فِي أقْفية التُّرْك، إلى المخيم النُّوريّ، فلم يستمكن المسلمون من الأُهْبة، فوقع فيهم القَتْل والأسْر، وقصدوا خيمة السّلطان نور الدِّين وقد ركب فرسه، وطلب النّجاة، فلدهْشته ركب والشَّبْحة فِي رِجْل الفَرَس، فنزل كُرْديّ فقطعها، فنجا نور الدِّين، وَقُتِلَ ذلك الكُرْديّ. ونزل نور الدِّين على بُحَيْرة حمص وقال: والله لا أستظلّ بسقْفٍ حَتَّى آخذ بالثأر، وأحضر الأموال والأمتعة، ولم شعث عساكره.
وفيها أمر المستنجد بالله بقتال بني أسد أصحاب الحِلَّة وإجلائهم عن العراق، فتجمَّع لحربهم عدَّة أمراء وخلْق من العسكر، فخُذِلت بنو أسد وزالت دولتهم، وَقُتِلَ منهم نحو أربعة آلاف، وتفرق الباقون، وقُطِع دابرهم، ولم يبق من هذا الوقت أحد يُعرف بالعراق من الأَسَدِيّين.