فيها مات رئيس الباطنيَّة إبراهيم البهلويّ، فاحرقه شِحنة الري في تابوته.
وفيها دخل ملك خُوارَزْم أتْسِز بن محمد مدينة مرو، وفتك فيها مُراغَمَةً للسّلطان سَنْجَر حين تمّت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفيَّة أبي الفضل الكرمانيّ، وعلى جماعة من الفقهاء.
وفيها تم عمل بثق النَهروان، وخلع المقدّم بهروز على الصُّنّاع جميعهم جِباب ديباج روميّ، وعمائم مذهّبه، وبنى لنفسه هناك تربة، وقدم السّلطان مسعود عَقِيب فراغه، وعند جَرَيان الماء في النَّهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النّهر المحفور، وفرح السّلطان به، وقيل: إنّه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التَّبْن في سنة واحدة، ثمّ إنّه عزله عن شِحْنكية بغداد، وولّي قزل.
وظهر من العيّارين ما حيّر النّاس، وذاك أنّ كلّ قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين، وكانوا يكبسون الدُّور بالشّموع، ويدخلون الحمّامات، ويأخذون الثّياب، فلبس النّاس السّلاح لمّا زاد النَّهب، وأعانهم وزير السّلطان، والنَّهْب يعمل، والكبسات متوالية، ثمّ أطلق السّلطان النّاس في العيارين فتتبعوهم.
وفيها عفى الخليفة عن الوزير عليّ بن طِراد بعد شفاعة السّلطان مسعود فيه غير مرة إلى الخليفة وتمكن الخليفة المقتفي، وزادت حرمته، وعلت كلمته.
وفيها كانت وقعة هائلة بين السّلطان سَنْجَر وبين كافر تُرك بما وراء النّهر، فانكسر سَنْجَر، وبلغت الهزيمة إلى تِرْمِذ، وأفلت سَنْجَر، في نفر يسير، فوصل بلْخ في ستَّة أنْفُس، وأُخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وَقُتِلَ من جيشه مائة ألف أو أكثر، وقيل: إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفًا، كلهم -[537]- صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة، وكان سَنْجَر قد قتل أخا صاحب خُوارَزْم، فاستنجد عليهم بكافر تُرْك، وكان مهادِنًا له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا بسَنْجَر، ولم تُرَ وقعةٌ أعظم منها، وكانت في المحرَّم، وقيل: في صفر.