فيها ظفروا بأحد عشر عيّارًا، فصُلِبوا في الأسواق ببغداد، وصُلِب صوفيّ من رباط البسْطَاميّ لكم صبيًا فمات، وفيها أخذ الروم بزاعة فاستباحوها، وجاء الناس يستنفرون.
وفيها قُبِض على ألْبقش نائب بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم. -[530]-
وتزوج السلطان مسعود بسفرى بنت دُبَيْس الأسَديّ، وسببه أنّ أولاد دُبَيْس أُقطِعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دُبَيْس وأمها بنت عميد الدولة بن جَهِير، وكانت بديعة الحُسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السّلطان، ليُعيد عليها بعض ما أُخِذ منها، فوُصِفت له، فتزوجها، وأُغلقت بغداد سبعة أيام للفرح، وضُرِبت الطبول وشربت الخمور ظاهرًا وكثر الفساد.
وفي جمادى الآخرة قتل شحنة ببعض البلدان صبيًّا مستورًا من المختارة، فأمر السّلطان بصلب الشحنة فصلب، وحطه العوام فقطعوه.
ولما أخذ زنكي قلعة بَعْرين ثارت الرّوم، وقدِمُوا في البحر من القُسطنطينية، وسبق الفُرسان إلى أنطاكّية، ثمّ وصلت مراكبهم، فنازلوا أَذَنَة والمصّيصة، وهما لابن لاون الأرمنيّ، فأخذها منه الرّوم، ثمّ أخذوا عين زَربة عَنْوَةً، وتلّ حمدون، ثمّ حاصروا أنطاكّية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيّقوا على أهلها وبها بَيْمُنْد الفرنجي، ثمّ تصالح الأرمن والروم، ثمّ نازلوا حلب.
وفيها، وفي الّتي بعدها كان بين الموحّدين والملثمين حروب عدة، ومنازلة طويلة ومصابرة، كان عبد المؤمن بالموحّدين في الجبل والشّعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء، ثمّ جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا.
وفي رمضان وصف للسلطان مسعود امرأةٌ بالحُسْن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيام.
وكان أمر الرّاشد بالله قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنيَّة - لعنهم الله - فقتلوه.
وفيها أمر السّلطان بقتل ألْبقش الّذي كان نائب بغداد، فَقُتِلَ، وقيل: غرّق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطعوا رأسه.
وفيها نازل ملك الروم - لعنهم الله - مدينة بزاعة، فسلموها بالأمان في رجب، وكان عدَّة من خرج منها خمسة آلاف وثمانمائة نفس، وتنصر قاضيها وجماعة من أعيانها نحو أربعمائة نفس، ثمّ نازل حلب، فخرج إليه خلقٌ من أهلها، فقاتلوه، فَقُتِلَ خلْق من الروم، وَقُتِلَ بطريقٌ كبير، ثم ملكوا قلعة -[531]- الأثارب، ثمّ نازلوا شيْزَر وبها سلطان بن عليّ الكِنانيّ، فنصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، وعاثوا في الشّام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكيّ، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرُّسْليَّة كمال الدّين الشّهْرُزُوريّ القاضي إلى السّلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الروم عن الشام بتخذيلٍ من زنكيّ بين الرّوم والأرمن.