الأصح أنّ أحمدِيَّل صاحب مَرَاغة قُتِل في أوّل سنة عشر ببغداد بدار السّلطان، وكان جالسًا إلى جانب طُغتِكين صاحب دمشق أتاه رجل يبكى وبيده -[21]- قَصّة، وتضرَّع إليه أن يوصلها إلى السّلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسِكّين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطنيّ آخر، فضرب أحمديل سكينا، فأخذتهما السيوف، ووثب رفيق لهما والسيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فَهَبروه أيضًا.
وفيها مات جاولي الذي كان قد حكم عَلَى المَوْصِل، ثمّ أخذها السّلطان منه، فخرج عن الطّاعة، ثمّ إنّه قصد السّلطان لِعلْمه بحِلْمه، فرضي عَنْهُ، وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب وُلاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذُلًا إلى أن مات.
وفيها حاصر عليّ بْن يحيى بْن باديس مدينة تونس وضيَّق عليها، فصالحه صاحبها أحمد بن خراسان على ما أراد.
وفيها افتتح ابن باديس جَبَل وَسْلَاتِ وحكم عَليْهِ، وهو جَبَل منيع كَانَ أهله يقطعون الطريق، فظفر بهم، وقتل منهم خلقًا.
وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد عليّ بْن موسى الرّضا بطُوس، خاصمَ عَلَويٌ فقيهًا، وتشاتما وخرجا، فاستعان كلٌ منهما بحزبه، فثارت فتنةٌ عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخرّبوه، وقتلوا جماعة، ووقع النَّهْب، وجرى ما لَا يوصف، ولم يُعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة.
ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للنّاس فيه جملة.
وقال أبو يَعْلَى بْن القلانسيّ: وفي سنة عشر ورد الخبر بأنّ بدران بْن صَنْجيل صاحب طرابُلُس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدّين سُنْقُر البرسقي صاحب المَوْصِل قد وصل ألى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسُرَّ بِهِ، فاتّفقا عَلَى تبييت الفرنج، فساقًا حتى هجما عَلَى الفرنج وهم غارُّون، فوضعوا فيهم السّيف قتْلًا وأسْرًا، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة آلاف نفْس، وهرب ابن صَنْجيل، وغنِم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا، وردّ البُرْسُقيّ إلى المَوْصِل، وقد استحكمت المودّة بينه وبين طغتكين.
وفيها قُتِل الخادم لؤلؤ المستولي عَلَى حلب، وكان قد قتل ألب أرسلان -[22]- ابن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعملوا عَليْهِ وقتلوه.
والصحيح أنّه قُتِل في السّنة الآتية.
وفيها حج بالركب العراقي أمير الجيوش الحبشي مولى المستظهر بالله، ودخل مكة بالأعلام والكوسات والسّيوف المسلَّلة، لأنّه أراد إذلال أمير مكّة وعبيدة.