في أوائلها قدم أقْسُنْقُر البُرْسُقيّ عَلَى مملكة المَوْصِل، وسيَّر معه السّلطان محمد ولده مسعودًا في جيشٍ كبير لحرب الفرنج، فنازل البُرْسُقيّ الرُّها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثمّ رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شنجتان، فقبض عَلَى إياز بْن إيلغازي، ونهب أعمال ماردِين. ثمّ تسلَّم حصن مَرْعَش مِن الفرنج صُلْحًا.
وأمّا صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسْر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا رُكْن الدّولة دَاوُد بْن سُقْمان، فالتقى هُوَ -[19]- والبُرْسُقيّ في أواخر السّنة، فانهزم البُرْسُقيّ وخلص إياز، ولكن خاف إيلغازي مِن السّلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفًا مِن السّلطان أيضًا لأنّه نسب قتْل مودود صاحب المَوْصِل إليه، فاتّفقا عَلَى الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاونة صاحب أنطاكيّة وجاء، فاجتمعوا بِهِ عَلَى بُحَيْرة حمص، وتحالفوا وافترقوا.
وسار إيلغازي إلى ديار بَكْر، فنزل بالرَّسْتَن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل بِهِ حمص، ثمّ طلب أن يصاهره ويطلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفًا من طغتكين.
وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدّولة مسعود، وجرت بعده أمور سُقْتُها في ترجمته.
وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشّام، هلك خلق كثير تحت الهدم.
وفيها مات الشريف النسيب بدمشق.
وفيها قتل صاحب حلب تاج الدولة ألب أرسلان ابن المُلْك رضوان بْن تُتُش، قتله غلمانه، وكان المستولي عَليْهِ الخادم لؤلؤ، وملّكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم.
وفيها هلك بغدوين الفرنجيّ صاحب القدس مِن جراحة، أصابته في مصاف طبرية.
وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعًا جوادًا، أقطاعه تغل في العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمسة آلاف فارس، وثب عليه ثلاثة من الباطنية، فقتلوه، وقيل: بل قُتل بعد ذَلِكَ بقليل، وكذا بغدوين تأخر موته، فيحرر ذلك.