فيها عُزِل عميد الدّولة بن جَهير عن وزارة الخليفة، وولي أبو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء ابن المسلمة، وسار ابن جَهير وأبوه إلى السلطان فأكرمهم، وعقد لابنه فخر الدّولة على ديار بكر وأعطاه الكوسات والعساكر، وأمره أن ينتزعها من بني مروان.
وفيها عصى أهلُ حرّان على شرف الدّولة مسلم بن قريش، وأطاعوا قاضيهم ابن جلبة الحنبليّ، وعَزَموا على تسليم حَرّان إلى جَنق أمير التّركمان لكونه سُنّيا، ولكون مسلم رافضيًّا. وكان مسلم على دمشق يحاصر أخا السّلطان تاج الدّولة تُتُش في هوى المصريّين، فأسرع إلى حرّان ورماها بالمنجنيق، وافتتح البلد، وقتل القاضي وولديه، رحمهم الله. وكان تاج الدولة تتش قد سار فقصد أنطاكية.
وفيها عزل المظفر ابن رئيس الرؤساء من وزارة الخليفة، وولي أبو -[315]- شجاع محمد بن الحُسين، ولقّبه الخليفة ظهير الدين، ومدحته الشعراء فأكثروا.
وفيها قتلة سيد الرؤساء أبي المحاسن ابن كمال المُلْك بن أبي الرّضا، وكان قد قرُب من السّلطان مَلِكْشاه إلى الغاية، وكان أبوه كمال المُلْك يُكْتَب الإنشاء للسلطان، فقال أبو المحاسن: أيُّها الملك، سلِّم إليَّ نظام المُلْك وأصحابَه وأنا أعطيك ألف ألف دينار، فإنَّهم قد أكلوا البلاد. فبلغ ذلك نظام المُلْك، فمدَّ سماطًا وأقام عليه مماليكه، وهم أُلُوف من الأتراك؛ كذا قال ابن الأثير، وأقام خَيْلهم وسلاحهم. فلمّا حضر السّلطان قال له: إنني خدمتك وخدمت أباك وجدّك، وُلْي حقّ خدمة. وقد بَلَغَكَ أخذي لأموالك، وصَدَق القائل، أنا آخذ المال وأعطيه لهؤلاء الغلمان الذين جمعتهم لك، وأصرفه أيضًا في الصَّدقات والوقوف والصِّلات التي مُعظم ذِكرها وأجرها لك، وأموالي وجميع ما أملك بين يديك، وأنا أقنع بمُرَقَّعَةٍ وزاوية. فصفَا له السّلطان، وأمر أن تُسْمَل عينا أبي المحاسن، ونَفَّذه إلى قلعة ساوة، فسمع أبوه كمال المُلْك الخبر، فاستجار بنظام المُلْك وحمل مائتي ألف دينار، وعُزِل عن الطُّغراء؛ يعني كتابة السر، ووليها مؤيد الملك ابن النظام.
وفيها خرج مالك بن علوي أمير العرب على تميم ابن المعز وحاصر المهديّة، وتعب معه تميم، ثمّ سار إلى القيروان فملكها، فجهز إليه تميم جيوشه، فحاصروه بالقيروان، فعجز وخرج منها، وعادت إلى يد تميم.
وفيها رخصت الأسعار بسائر البلاد، وعاش النّاس، ولله الحمد.