في ذي القعدة عادت الفتن ببغداد، وأحرقت جماعة دكاكين، وكتبوا، أعني أهل الكرخ، على مساجدهم: " محمد وعلي خير البشر "، وأذّنوا بحيّ على خير العمل، فتجمع أهل القلائين وحملوا حملةً على أهل الكرخ، فهرب -[610]- النظّارة، وازدحموا في مسلك ضيّق، فهلك من النساء نيف وثلاثون امرأة وستة رجال وصبيان، وطُرحت النار في الكرخ، وعادوا في بناء الْأبواب والقتال. فلمّا كان في سادس ذي الحجة جرى بينهم قتال، فجمع الطقطقي قومًا من الْأعوان، وكبس نهر طابق من الكرخ، وقتل رجلين، ونصب الرأسين على حائط مسجد القلائين.
وفيها جرت حروب كثيرة بين عسكر خراسان وعسكر غزنة، وكلّهم مسلمون، وتم ما لَا يليق من القتال على الملك، نسأل الله العافية.
وفيها سيّر الملك الرّحيم جيشًا مع وزيره والبساسيري إلى البصرة، وعليها أخوه أبو علي بن أبي كاليجار، فحاصروها، واقتتلوا أيّامًا في السُفُّن. ثم افتتحوا البصرة، وهرب أبو عليّ فتحصّن بشط عثمان وحفر الخندق، فمضى إليه الملك الرحيم وحاربه، فتقهقر إلى عبّادان وركب البحر، ثم طلع منه وسار إلى أرجان، وقدم على السلطان طغرلبك بأصبهان، فأكرمه وصاهره، وسلم الملك الرحيم البصرة إلى البساسيري، ومضى إلى الأهواز.
وفيها قدم طائفة من جيش طغرلبك إلى أطراف العراق، فنهبوا واستباحوا الحريم وفتكوا، ورجف أهل بغداد.
وفيها عُمل محضر كبير ببغداد في القدح في نسب صاحب مصر، وأن أصله من اليهود.