-سنة أربعين وأربعمائة

فيها هاج القتال بين أهل الكرخ وباب البصرة.

ومرض الملك أبو كاليجار، وفُصِد في يومٍ ثلاث مرّات، ثمّ مات. وانتهب الغلمان الخزائنَ والسلاح، وأحرق الجواري الخيم، وناح الحريم وولي مكانه ابنه أبو نصر ولقّبوه الملِك الرّحيم. ثمّ قصد حضرة الخليفة فقبَّل الأرض وجلس على كُرْسيّ. ثمّ أُلْبِسَ سبْع خِلَع وعمامة سوداء والطّوْق والسِّوارَين، ووُضِع على رأسه التّاج المرصّع، وبرز له لواءان معقودان، وأوصاه الخليفة بالتَّقْوى والعدل، وقُرِئ صدْر تقليده، وكان يوما مشهودا.

وكانت مدّة سلطنة أبي كاليجار ببغداد أربع سنين، وهو ابن سلطان الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضُد الدّولة، وُلِد بالبصرة سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة، واسمه المرزبان، وكان كثير الأموال.

وفيها دار السُّورُ على شِيراز، ودوره اثنا عشر ألف ذراع، وطول حائطه ثمانية أذرُعٍ، وعرضه ستة أذرع، وفيه أحد عشر بابا.

وفيها نازلت عساكرُ مصر قلعة حلب، وبها مُعِزُّ الدّولة ثمال بن صالح الكِلابيّ، فجمعَ جمْعًا وبرز لحربهم، فعمل معهم مصافَّيْن على الولاء، وهابه المصريون، فرحلوا عنه خائبين.

وفيها خطب المعز ابن باديس بالقيروان للقائم بأمر الله، وقطع خطبة المستنصر فبعث إليه المستنصر يهدّده، فلم يلتفت إليه، فبعث لحربه عسكرًا من العرب فحاربوه، وذلك أوّل دخول عرب بني زغبة وبني رياح إلى إفريقيّة. فجَرَت لهم أمورٌ طويلة. -[500]-

وفيها قدِم كثيرٌ من الغُزِّ من وراء النّهر إلى إبراهيم ينال فقال لهم: يَضيق عن مقامكم عندنا، والوجه أن نمضي إلى غزو الرّوم ونجاهد. فساروا وسار بعدهم حتّى بقي بينهم وبين القسطنطينيّة خمسة عشر يومًا، فسبى وغنِم، وحصل له من السبي فوق المائة ألف رأس، وأخذ منهم أربعة آلاف درع، وغير ذلك، وجُرَّ ما حصل منهم على عشرة آلاف عجلة.

وحارب الرّوم، ونُصر عليهم مرّات، وغلبوه أيضًا، وكانت العاقبة للمسلمين، وكان فتحًا عظيمًا ونصرًا مبينا.

وفيها عزل ناصر الدّولة وسيفها ابن حمدان عن دمشق بطارق الصَّقْلَبيّ وقُبِضَ على ناصر الدّولة. ثمّ عُزِل بهاء الدّولة طارق بعد أشهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015