فيها قلد بهاء الدولة الشريفَ أَبَا أحْمَد الْحُسَيْن بْن مُوسَى المُوسَوِي قضاءَ القُضاة والحجّ والمَظَالم ونقابة الطّالبيّين، وكتب لَهُ من شيراز العهد، ولقبه " الطاهر الْأوحد ذو المناقب "، فلم ينظر فِي قضاء القُضاة، لامتناع القادر باللَّه من الْأذن لَهُ.
وحج بالنّاس أَبُو الحارث مُحَمَّد بْن مُحَمَّد العَلَوِي، فاعترض الركب الْأصيفر المنتفقي ونازلهم، وعوّل عَلَى نهبهم، فقالوا: من يكلّمه ويقرّر لَهُ ما يأخذ؟ فنفذوا أبا الحسن ابن الرفاء، وأبا عبد الله ابن الدَّجاجيّ، وكانا من أحسن النّاس قراءة، فدخلا إِلَيْهِ، وقرءا بين يديه، فَقَالَ: كيف عَيْشُكُما ببغداد؟ فقالا: نِعْمَ العيش، تصلنا الخلع والصِّلات. فقال: هل وهبوا لكما ألف ألف دينار في مرة؟ قالا: لا، ولا ألف دينار. فَقَالَ: قد وهبت لكما الحاجَّ وأموالهم، فدعوا لَهُ وانصرفوا، وفرح النّاس. ولما قرءا بعرفات، قَالَ أهل مصر والشام: ما سمعنا عنكم بتبذير مثل هذا! يكون عندكم شخصان مثل هذين، فتستصحبونهما معكم جميعا، فإن هلكا فبأي شيء تتجملون؟ وأخذ أبو الحسن بن بويه هذين مَعَ أَبِي عبد اللَّه بْن بهلول، وكانوا يُصَلُون بِهِ بالنَّوْبة التَّراويح، وهم أحداث.