-سنة تسع عشرة وثلاثمائة

فيها قبض المقتدر عَلَى الوزير سليمان بْن الحَسَن، وكان قد أضاق إضاقة شديدة. وكانت وزارته سنة وشهرين. وكان المقتدر يميل إلى وزارة الحُسين بْن القاسم، فلم يمكنه مؤنس، وأشار بأبي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن محمد الكَلَوْذَانيّ. فاستوزره مَعَ مشاورة عليّ بْن عيسى في الأمور.

وفيها: كانت وقعة بين هارون بْن غريب وبين مرداويج الديلمي بنواحي همذان. فانهزم هارون، وملك الدَّيْلَمّي الجبل بأسره إلى حُلْوان.

وفيها: عزل الكَلَوْذَانيّ واستوزر الحُسين بْن القاسم بْن عُبَيْد اللَّه؛ لأنه كتب إلى المقتدر، وهو على حاجة: أنا أقوم بالنفقات وزيادة ألف ألف دينار كلّ سنة. وكانت وزارة الكَلَوْذَانيّ شهرين.

وفي ذي الحجّة استوحش مؤنس من المقتدر؛ لأنه بلغه اجتماع الوزير والقُوّاد عَلَى العمل عَلَى مؤنس. فعزم خواصُّه عَلَى كبس الوزير، فعلم، فتغيب عَنْ داره.

وطلب مؤنس من المقتدر عزْل الوزير فعزله. فقال: انفه إلى عُمان. فامتنع المقتدر. وأوقع الوزير في ذهن المقتدر أنّ مؤنسًا يريد أنّ يأخذ الأمير أبا العبّاس من داره ويذهب بهِ إلى الشّام ومصر، ويعقد له الخلافة هناك.

ثمّ كتب الحُسين الوزير يستحثّ هارون بْن غريب عَلَى المجيء، وكتب إلى محمد بْن ياقوت، وكان بالأهواز، أنّ يُسرع الحضور. فصحَّ عند مؤنس أنّ الوزير يدبِّر عَلَيْهِ، فخرج إلى الشّمّاسيّة بأصحابه، وكتب إلى المقتدر: إن مفلحًا الأسود مطابقٌ للحسين، وإن نفسي لَا تسكن حتّى تبعث إليَّ بمفلح فأقلده أجل الأعمال ويخرج إليها.

فأجابه المقتدر: إنّ مفلحًا خادمٌ يوثق بخدمته، ولم يدخل فيما توهمت. فلمّا سمع مؤنس هذا، وأن الوزير ينفق في الرجّال، وأن هارون قد قرب من بغداد - أظهر الغضب وخرج إلى الموصل، فلحق بهِ أصحابه، فقبض الوزير عَلَى حواصله وأملاكه. وهنأ النّاس الوزير بذهاب مؤنس، وزاد محلُّه عند المقتدر، ولقبه " عميد الدولة ". وكتب ذَلِكَ عَلَى الدّينار والدّرهم.

وكتب الوزير إلى دَاوُد وسعيد ابني حمدان، والحسن بْن عَبْد اللَّه بْن -[225]- حمدان بمحاربة مؤنس، فتعبّوا في ثلاثين ألفًا، وكان مؤنس في ثمانمائة، فنصر عليهم وهزمهم، وملك الموصل في صفر سنة عشرين.

وفيها: نزل القَرْمَطيّ الكوفة، فهرب أهلها إلى بغداد.

وفيها: دخلت الدَّيْلم الدّيْنَوَر فقتلوا وسبوا، فجاء من هرب إلى بغداد ورفعوا المصاحف عَلَى القُضُب، واستغاثوا يوم الأضحى وساعدهم الغوغاء، وسبّوا المقتدر وأغلقوا الأسواق خوفَا من هجوم القَرْمَطيّ.

وفيها: ولد أبو تميم المعزّ رابع خلفاء مصر الذي بنى القاهرة.

ولم يحجّ في هذه السنة ركْب العراق.

ووردَ الخبر بأنّ ثمل والي طرسوس غزا الروم، فعبروا نهرًا ثمّ وقع عليهم ثلج عظيم. ثمّ التقوا جيش الروم عليهم ستّة بطارقة، فنصروا عليهم، وقتل خمسمائة علج من الروم، وأُسر ثلاثة آلاف.

ثمّ تناخت الملاعين ونالوا من المسلمين، وقتلوا خلقًا وأسروا آخرين. وسار إلى نجدة أهل مَلَطْية وسميساط سَعِيد بْن حمدان، فكشف عَنْهَا ودخل غازياً في بلاد الرُّوم.

ثمّ سار متولّي طرسوس ونسيم الخادم لغزو الصّائفة في اثني عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل حتّى بلغوا عمّورية ودخلوها. ثمّ أوغلوا في بلاد الروم، فغنموا وسبوا نحوًا من عشرة آلاف من الرقيق، وقتلوا خلقًا. وأقاموا في الغزاة ثلاثة أشهر.

وفيها: كَانَ الوباء المفرط ببغداد، حتّى كَانَ يُدْفَن في القبر الواحد جماعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015