في المحرَّم عادَ نصر الحاجب من الحجّ ومعَه العلويّ الّذي قطع الطّريق على الرَّكْب عام أوّل، فَحُبس في المُطْبق.
وفي ربيع الآخر غزا مؤنس الخادم بلاد الروم من ناحية مَلَطْية، فوافاه جنود الأطراف، فافتتح حصونًا وأثَّر أَثَرَةً حسنة.
وفيها: مات محمد بن إسحاق بن كنداجق بالدينور، وكان متقلدها؛ وصادرَ عليّ الوزير وَرَثته، فصالحهم على ستّين ألف دينار مُعَجَّلَة.
وفيها: وقعَ الخوف ببغداد من حيوان يقال له الزَّبْزَب، ذكر النّاس أنّهم يَرَونْه بالّليل على الأسطحة، وانّه يأكل الأطفال، ويقطع ثَدْيَ المرأة، فكانوا يتحارسون، ويضربون بالصّواني والطّاسات ليهرب، واتّخذَ النّاس لأطفالهم مكابّ، ودام عدة ليالٍ، فأخذ الأعوان حيوانًا أبلق كأنّه من كلاب الماء. فَذُكِر أنّه الزَّبْزَب، وأنّه صِيد، فَصُلِبَ على الجسر، فلم يُغْنِ ذلك إلى أن انبسط القمر، وتبيّن للنّاس أنَّ لَا حقيقة لما توهّموه.
وفى آخرها قبض المقتدر على عليّ بن عيسى الوزير، وكان قد استعفى -[13]- مِرارًا وضجر من سوء أدب الحاشية، فتنكّر المقتدر عليه لذلك، واتَّفق أنّ أم موسى القَهْرَمانة جاءت إليه لتُوَافقَه على ما يطلق في العيد للحرم من الضحايا، وصرفها حاجبه، فغضبت وأغْرت به السَّيِّدة والمقتدر، فَصُرف ولم يتعرض لشيء من ماله، فاعتقل، وأُعيد أبو الحسن بن الفُرات، وخُلع عليه سَبْعُ خلَع يوم التَّرْوية، وركب مُؤنس والقُوَّاد بين يديه، ورُدَّت عليه ضِياعُه، ثمّ أُطلق ابن عيسى لكن صودر أخواه إبراهيم وعُبَيْد الله، وأُخذ منهما مائة ألف دينار وعُزلا.
وفيها: عصى يوسف بن أبي السّاج بأَذْرَبَيْجان، فسار مؤنس، فظفر به وأسره بعد حرب طويل.
وتوفيّ فيها زيادة الله بن عبد الله بن الأغلب الّذي كان صاحب القيروان، وكان هو وأبوه من أمراء القيروان، وردّ زيادة الله منهزمًا من المهديّ الخارجيّ إلى مصر فأْكرم، وقيل: إنّه مات بالرَّقة، وقيل: بالرمْلة.