وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ قَطُّ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ عُتْبَةَ بْنِ أبي وقاص، وإن كان ما علمته لسيئ الْخُلُقِ مُبْغَضًا فِي قَوْمِهِ، وَلَقَدْ كَفَانِي مِنْهُ قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رسول الله ".
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلَى عُتْبَةَ حِينَ كَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ: " اللَّهُمَّ لَا تُحِلْ عَلَيْهِ الْحَوْلَ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا ". فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ كافرا إلى النار. مرسل.
ابن وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ وَالِدَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمَّا جُرِحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، مَصَّ جُرْحَهُ حَتَّى أَنْقَاهُ وَلَاحَ أَبْيَضَ، فَقِيلَ لَهُ: مُجَّهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أُمُجُّهُ أَبَدًا. ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَاتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا ". فَاسْتُشْهِدَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
إِذَا اللَّهُ جَازَى مَعْشَرًا بِفِعَالِهِمْ ... وَنَصَرَهُمُ الرَّحْمَنُ رَبُّ الْمَشَارِقِ
فَأَخْزَاكَ رَبِّي يَا عُتَيْبُ بْنَ مَالِكٍ ... وَلَقَّاكَ قَبْلَ الْمَوْتِ إِحْدَى الصَّوَاعِقِ
بَسَطْتَ يَمِينًا لِلنَّبِيِّ تَعَمُّدًا ... فَأَدْمَيْتَ فَاهُ، قُطِّعْتَ بِالْبَوَارِقِ
فَهَلَّا ذَكَرْتَ اللَّهَ وَالْمَنْزِلَ الَّذِي ... تَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ إِحْدَى الْبَوَائِقِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ كَسَرَ رَبَاعِيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيُمْنَى السُّفْلَى، وَجَرَحَ شَفَتَهُ السُّفْلَى. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شِهَابٍ شَجَّهُ فِي جَبْهَتِهِ. وَأَنَّ ابْنَ قَمِئَةَ جَرَحَ وَجْنَتَهُ، فَدَخَلَتْ حَلَقَتَانِ مِنْ حَلْقِ المغفر في