528 - محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأَزْدِيّ البَصْرِيّ، أَبُو العَبَّاس المبرَّد، [الوفاة: 281 - 290 ه]
إمام العربية ببغداد في زمانه.
أَخَذَ عَنْ: أبي عُثْمَان المازني، وأبي حاتم السِّجِسْتَاني، وغيرهما.
وَعَنْهُ: إسْمَاعِيل الصَّفَّار ولزمه مدّة، وَأَبُو سهل بن زياد، وعيسى الطُّوماريّ، وَأَحْمَد بن مروان الدِّينَوَري، وَأَبُو بَكْر الخرائطيّ، وَإِبْرَاهِيم بن محمد نِفْطَوَيْه، وَمحمد بن يَحْيَى الصُّوليّ، وجماعة.
وَكَانَ فصيحًا بليغًا مُفَوَّهًا، ثقةً، إخباريًا علامة، صاحب نوادر وظرافة. وَكَانَ جميلًا وسيمًا، لا سيّما في صباه، وَلَهُ تصانيف مشهورة.
قَالَ أَبُو الفتح بن جِنيّ: إنَّ أبا عُثْمَان المازني لَمَّا صنّف كتاب " الألِف واللام " سأل أبا العباس عن دقيقه وعويصه، فأحسن الجواب، فقال له: قم، فأنت المبرد؛ أي المثبت للحق. قال أبو العباس: فغير الكوفيون اسمي فجعلوه بفتح الراء.
وقال السيرافي: انتهى علم النحو بعد طبقة الجرمي والمازني إلى المبرد، وهو من ثمالة؛ قبيلة من الأزد. أخذ عن الجرمي، والمازني، وغيرهما.
وكان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه.
وقال أبو بكر بن مجاهد: ما رأيت أحسن جوابا من المبرد في " معاني القرآن "، ولقد فاتني منه علم كثير لقضاء ذمام ثعلب. -[832]-
وقيل: كان بين ثعلب والمبرّد منافره، وأكثر الفُضلاء يرجّحونه عَلَى ثعلب.
وحكى الخطابي عن الدقاق النحوي قال: اجتمع ابن سريج الفقيه والمبرّد وَأَبُو بَكْر بن داود الظّاهريّ في طريق، فتقدم ابن سريج وتلاه المبرّد، فَلَمَّا خرجوا إلى الفضاء قَالَ ابن سريج: الفقه قدَّمني. وَقَالَ ابن داود: الأدب أخَّرني. فَقَالَ المبرّد: أخطأتما معًا، إذا صحَّت المودَّة سقط التكلُّف.
وَقَالَ الصَّفَّار: سَمِعْتُ المبرّد يَقُولُ: كان فتى يهواني وأنا حَدَث، فاعتلّ علّة كنت سبَبَها فمات، فكثر أسفي عَلَيْهِ، فرأيته في النّوم فَقُلْتُ: فلان؟ قال: نعم. فبكيت، فأنشأ يقول:
أتبكي بعد قتلك لي عليًّا ... ومن قَبل المماتِ تُسيءُ إلَيّا
سكبت عليَّ دَمْعَكَ بعد موتي ... فهلا كَانَ ذاك وكنتُ حيّا
تجافَ عن البُكاء ولا تزده ... فإني أراك ما صنعت شيّا
تُوُفِّي في آخر سنة خمسٍ وثمانين، وَقِيلَ: تُوُفِّي سنة ستٍّ.
وللحسن بن بشّار بن العلاف يرثيه:
ذهب المبرّدُ وانْقضَتْ أيامه ... وليذهبن إثر المبرد ثعلب
بيت من الآداب أضحى نصفه ... خربا وباقي بيته فسيخرب
فابكوا لِما سَلَب الزَّمانُ ووطِّنوا ... للدَّهر أنفسكم على ما يسلب
وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسَهُ ... إن كانتِ الأنفاسُ مما يُكْتَبُ
عاش المبرّد خمسًا وسبعين سنة، ولم يُخَلِّف بعدّه في النحو مثله أبدًا.