على العراق. وهى جميعها مكتوبة بهذا الأسلوب الذى رأيناه فى فاتحتها، والذى ثبّته سالم فى دواوين هشام، وقد انتهى هذا الأسلوب عند تلميذه عبد الحميد إلى الغاية المرتقبة.
اسم أبيه يحيى بن سعيد، من موالى بنى عامر بن لؤى، وهو فارسى الأصل. ويقول أكثر من ترجموا له إنه من أهل الأنبار بالعراق (?) وسكن الرّقّة. وكان فى أول أمره يتنقل فى القرى معلما فى كتاتيبها، وعرف فى نفسه فصاحة ومهارة بيانية، فالتحق بديوان هشام بن عبد الملك، وأعجب به سالم فأصهر إليه، وما زال به حتى خرّجه كاتبا لا يبارى. وعرفه مروان ابن محمد، وكان عاملا لهشام، كما مرّ بنا، على أرمينية، فاتخذه كاتبا له. ولعلنا لا نخطئ فى الحكم إذا قلنا إن ما أثبته الطبرى من رسائل لمروان فى ولايته إلى هشام ومن تلاه من الخلفاء وإلى أبناء عمومته إنما كان بقلم عبد الحميد. ويتولّى مروان الخلافة (127 - 132 هـ) فيصبح عبد الحميد رئيس ديوانه، وتتوالى رسائله الرائعة، وعبتا حاول أن يلم الشّعث حين انقضّت جيوش أبى مسلم من خراسان، حتى إذا هزم مروان فى موقعة الزّاب ولّى وجهه معه إلى مصر حيث قتلا معا فى معركة بوصير.
وهكذا كان وفيّا لمروان حتى الأنفاس الأخيرة من حياته. وزعم بعض الرواة أنه فرّ بعد موقعة الزاب على وجهه، واختفى مدة، ثم وقف عليه السفاح فأحضره وعذبه، حتى مات. وزعم آخرون أنه اختقى عند ابن المقفع قبل عثور السفاح عليه. وهى مزاعم لا تؤيدها الروايات الوثيقة، ولعل مما يدل