الخلفاء والخطباء النابهين وعّاظا وغير وعّاظ، من مثل الحسن البصرى وواصل ومثل خالد بن صفوان (?) المتوفى سنة 135 وفيه يقول الجاحظ كما أسلفنا: «لكلامه كتاب يدور فى أيدى الوراقين» (?) ومرت بنا فى الفصل السالف موعظة لزياد بن أبيه كان يتداولها الناس وكتبها عبد الملك بن مروان بيده.
وأخذوا منذ أوائل هذا العصر ينقلون عن الموالى بعض معارفهم، وقد مرّ بنا فى حديثنا عن الثقافة كيف كان خالد بن يزيد بن معاوية مشغوفا بكتب النجوم والكيمياء والطب. ويقول صاحب الفهرست: «رأيت من كتبه كتاب الحرارات، وكتاب الصحيفة الكبير وكتاب الصحيفة الصغير وكتاب وصيته فى الصنعة» (?). ومرّ بنا أيضا أن عمر بن عبد العزيز أمر ماسرجويه بنقل كتاب القس أهرن فى الطب، ويروى الرواة أن ثياذوق طبيب الحجاج ابن يوسف نظم فى علم الصحة قصيدة ظل الناس يتناقلونها حتى عصر ابن سينا (?) وذكرنا أيضا أن سالما مولى هشام نقل بعض رسائل أرسططاليس من اليونانية، وقد اشتهر تلميذه عبد الحميد بنقل بعض رسائل الفرس السياسية (?). ويقال إنه نقل لهشام كتاب عن الفارسية فى تاريخ الساسانيين ونظمهم السياسية. (?)
ومعنى كل ما قدمنا أن التدوين أخذ يذيع وينتشر بين العرب لهذا العصر فى جميع فروع المعرفة دينية وغير دينية وعربية وغير عربية. ونقف الآن لنتحدث عما خلّف العصر من رسائل مختلفة.
تزخر كتب التاريخ والأدب برسائل سياسية كثيرة أثرت عن هذا العصر،