عنده وكأنها متن لغوى معقد، أو قل مستغلق، تستغلق ألفاظه، إذ يختارها من وحشى الكلام، بحيث لا يفهمها إلا خاصة الخاصة من اللغويين الذين كانوا يأخذون عنه أمثال يونس وأبى عبيدة وخلف الأحمر وأبى عمرو بن العلاء.
وهو لا يكتفى باستغلاق اللفظ من حيث وحشيته وغرابته، فقد كان يضيف إلى ذلك زوائد تزيده استغلاقا، زوائد من تغيير فى الحركات أو إعلال فى الحروف أو إتيان بصيغ جديدة فى التصريف بواسطة المصادر والجموع والأفعال، كأن يقول فى مطلع قافيته المشهورة:
وقاتم الأعماق خاوى المخترق … مشتبه الأعلام لمّاع الخفق (?)
فقد حرك فاء الخفق الساكنة وجعلها مفتوحة للإتباع. ومن ذلك إضافة النون الساكنة إلى بعض قوافيه مثل «يا أبتا علك أو عساكن» والإتيان بصيغة فيعل بفتح العين فى قوله: «ما بال عينى كالشّعيب العيّن» والقياس العيّن بكسر الياء مع التشديد (?). واقرأ قوله فى وصف الليل:
وجلّ ليل يحسب السّدوسا … يستسمع السّارى به الجروسا (?)
هماهما يسهرن أو رسيسا … علوت حين يخضع الرّعوسا (?)
قرع يد اللّعابة الطّسيسا (?) …
فإنك تراه يجمع جرسا على جروس، فيغرب شيئا ما، ويعمد عمدا إلى ألفاظ غريبة يحشو بها وصفه من نحو السدوس والرسيس والرعوس، وجاء بالطست لا بصيغته المألوفة، وإنما بصيغة الطسيس. وعنى بأن يلائم بين الرّوىّ