بلغت من الهنئ فقلت شكرا … هناك، وسهّل الجبل الصّلود (?)
بها الزّيتون فى غلل ومالت … عناقيد الكروم فهنّ سود (?)
فتمّت فى الهنئ جنان دنيا … فقال الحاسدون هى الخلود
يعضّون الأنامل أن رأوها … بساتينا يؤازرها الحصيد (?)
ومن أزواج فاكهة ونخل … يكون لحمله طلع نضيد (?)
وجرير يحدثنا عن شق الطرق للنهيرات فى الجبال وتحطيم ما يعترض من الصخور، كما يحدثنا عن المناظر الطبيعية فى تلك البيئة وما حفّ بها من أشجار فاكهة وغير فاكهة وزروع مختلفة.
فالشاعر الأموى مع استغراق مناظر الصحراء له لم يغمض عينيه عن مناظر البيئات الجديدة، فقد كان يسجلها من حين إلى حين، وخاصة منهم من كانوا يلهجون بالصيد وكلابه وصقوره وفهوده، وسنعرض لذلك فى حديثنا عن الرّجّاز، وقد تعرضت طائفة منهم لوصف الفيل، على شاكلة قول رؤبة يصفه (?):
أجرد كالحصن طويل النّابين … مشرّف اللّحى صغير الفقمين (?)
عليه أذنان كفضل الثّوبين
واشتهر فى هذا المجال هرون مولى الأزد (?). فالطبيعة الجديدة المتحركة والصامتة ألهمتهم كثيرا من الشعر والرجز، ولكن من الحق أن بيئتهم الصحراوية كانت ملهمهم الأول فى هذا العصر.