وقد خلّف على خطبا كثيرة، نجد منها أطرافا فى البيان والتبيين وعيون الأخبار والطبرى. على أنه ينبغى أن نقف موقف الحذر مما ينسب إليه من خطب فى الكتب المتأخرة وخاصة نهج البلاغة فإن كثرته وضعت عليه وضعا.

وقد تنبّه إلى ذلك السابقون (?)، واختلفوا فى واضعها، هل هو الشريف المرتضى أو الشريف الرضى، وقد توفّى أولهما سنة 436 للهجرة بينما توفى الثانى سنة 406.

وممن يقول بأنه الشريف المرتضى الذهبى فى ميزان (?) الاعتدال وابن حجر العسقلانى فى لسان الميزان (?). وذهب النجاشى المتوفى سنة 450 للهجرة فى كتابه «الرجال» إلى أن مؤلف الكتاب هو الشريف الرضى (?)، وأقرّ هو نفسه بذلك، إذ ذكر فى الجزء الخامس المطبوع من تفسيره أنه هو الذى ألفه ووسمه باسمه:

نهج البلاغة (?)، وذكر ذلك أيضا فى كتابه «مجازات (?) الآثار النبوية».

والمظنون أن الوضع على علىّ قديم. فقد ذكر المسعودى فى مروج الذهب أن له أربعمائة خطبة ونيفا وثمانين يتداولها الناس (?).

ولعل فى ذلك ما يدلّ على وجوب التحرز والتثبت فيما يضاف إليه من خطب، وأن لا نعوّل على شئ منها إلا إذا جاء فى المصادر القديمة التى أشرنا إليها. وإن ما جاء فيها لكاف فى تصوير قدرته الخطابية وإحسانه إحسانا كان يخلب ألباب سامعيه ويؤثر فى نفوسهم تأثيرا عميقا.

وواضح من كل ما قدمنا كيف ارتقت الخطابة فى هذا العصر، وكيف تحولت إلى وعظ الناس وإرشادهم لما فيه كمالهم وفلاحهم فى الدنيا والآخرة، وقد أخذت ميادينها تتسع باتساع السيادة على الشعوب المفتوحة، كما أخذت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015