أخذت تضعف صلات مملكة علوة بالكنيسة اليعقوبية فى الإسكندرية، إذ قطع الاتصال بينهما فلم يعد يأتيهم من الإسكندرية أساقفة، وأهملت الطقوس الدينية وهجرت الكنائس. ورافق ذلك انتشار القبائل العربية من مقرة إلى أراضى علوة وسهولها وتغلبهم عدديا على سكانها وامتزاجهم بهم، كل ذلك أسرع بأهل علوة إلى اعتناق الإسلام: المسيحى منهم ومن كان لا يزال على دينه الوثنى.
ولم أتحدث عن الإسلام فى غربى السودان حتى الآن، ومرّ بنا فى حديثنا عن موريتانيا مدى نشر دولة المرابطين بقيادة أبى بكر للإسلام فى إفريقيا المدارية وتغلغله به إلى حوض النيجر وبلاد البرنو والكانم، وكان ملوك الكانم من الطوارق الملثمين المسلمين وكانوا تجارا من قديم واستطاعوا أن يبسطوا سلطان دولتهم الإسلامية من بحيرة تشاد إلى غربى السودان وأرض النوبة، وكان لتجارهم عمل عظيم فى نشر الدعوة الإسلامية غربى السودان، وأهم من ذلك الكتلة الضخمة من قبيلة زوارة البربرية المسلمة التى كانت تنزل فى إقليم فزان، إذ هاجرت إلى إقليمى واداى ودارفور غربى الخرطوم وهاجرت معها كتلة من عرب الشوا أو الشاوية أى رعاة الشاة ومنهم فى غربى السودان السلامات وخزام والجعادنة والمحاميد والدكاكير، وهاجر بعدهم من فزان أولاد سليمان حين استولى الأتراك العثمانيون على ليبيا وكوّن هؤلاء العرب ومن صحبهم من البربر مملكة إسلامية مبكرة فى إقليمى دارفور وواداى بين سنتى 478 هـ/1085 م و 491 هـ/1097 م ومن سلاطين تلك المملكة سليمان وقد شملت سلطنته الكانم بجانب واداى وشطرا كبيرا من دارفور، وورث عنه هذه السلطنة ابنه دونامة (607 هـ/1210 م-621 هـ/1224 م). وهذا بالإضافة إلى ما كان يمر بالسودان الغربى من حجاج إفريقيا المدارية. وكل ذلك عجل بانتشار الإسلام فيه.
وواضح من كل ما سبق أن الإسلام انتشر فى السودان تدريجا، ويبدو أن انتشاره فى غربى السودان كان أسرع من انتشاره فى شرقيه وفى حوض نهر النيل السودانى نفسه، ولم ينتشر-كما رأينا-بالسيف، إنما انتشر بالموعظة والكلمة الطيبة.
3 -
هى أول دولة إسلامية ذات نظم سياسية وإدارية تظهر فى السودان الأوسط قاعدتها