تدرّ على البلاد خيرا كثيرا. ومن أهم مدن الجنوب الشرقى مدينة ولاّته، وكانت محطة مهمة للقوافل التجارية، وكان بها حدائق نخيل وتنبت بقعتها الدخن وحبا مدورا أبيض اللون كما يقول الحسن الوزان، وتعانى المنطقة-كما يقول-من ندرة اللحم، وكان أهلها يقومون على إرشاد القوافل العابرة للصحراء وحمايتها حتى السودان وحتى المغرب الأقصى مما كان يدرّ عليهم خيرا كثيرا.
2 -
كانت قبائل صنهاجة الصحراوية تنزل من قديم فى الشطر الغربى من الصحراء الكبرى جنوبى الجزائر والمغرب الأقصى فاصلة بينهما وبين القبائل السودانية المدارية، وكانت بعض هذه القبائل تنحدر حتى ضفاف نهر السنغال، ونفس كلمة السنغال إنما هى تحريف لكلمة صنهاجة على لسان البرتغاليين حين نزلوا بسواحلها، فسموها Senhagal ثم أصبحت. Senegal ويقول ابن أبى زرع إن صنهاجة الصحراوية تنقسم إلى سبعين قبيلة، منها لمتونة وكدالة ومسوفة ولمطة وبنو وارث ومنداسة، وفى كل قبيلة بطون وعشائر أكثر من أن تحصى. وكثير منهم لا يعرفون حرثا ولا زرعا ولا ثمارا، وإنما أموالهم الأنعام، وعيشهم اللحم واللبن، وهم على مذهب أهل السنة والجماعة، ويجاهدون فى السودان.
وظلت تلك القبائل تعيش فى الحزام الصحراوى الفاصل بين البلاد المغربية والسودان على أنعامها وألبانها ولحومها وصوفها وأوبارها متخذة منها الخيام، وكانوا يضعون اللثام على رءوسهم ووجوههم شعارا لهم، ولذلك سموا الملثمين. وأخذت أضواء الإسلام تنفذ إليهم منذ عهد عقبة بن نافع الفهرى وولايته على الديار المغربية (50 - 55 هـ) إذ أسلم على يديه منهم بنو وارث، ومضوا يجاهدون السودانيين الغربيين واتسع اعتناق تلك القبائل للإسلام فى عهد موسى بن نصير (86 - 96 هـ) ولما استولى عبد الرحمن بن حبيب على مقاليد الحكم فى البلاد المغربية (127 - 137 هـ) عنى بالطريق التجارى المار بقبائل صنهاجة