وأما عبد الرحمن فمعروف أنه كان يهاجى النجاشى الحارثى ويذم قومه بنى الحارث بن كعب وعشيرته بنى الحماس ذمّا قبيحا (?)، ومن هنا كنا نشك فيما يضاف إلى حسان من هجائهم ونظن أنه من أشعار ابنه، حمل عليه (?).

ومن هذا الباب أشعاره المملوءة غيظا على قتلة عثمان، فإن كثيرا منها وضعه الأمويون (?) ليظهروا للناس أن شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم كان فى صفّهم وليغسلوا عنهم عار الأشعار التى نظمها حسان فى هجاء أسرتهم حين كان أبو سفيان وغيره من رءوسها يقودون الجيوش ضد الرسول ويحادّونه. ومثلها ما يضاف إليه من أشعار فى مديح الزبير (?) بن العوام وعبد الله (?) بن العباس، وكأن الأحزاب السياسية لعبت دورا فى وضع الشعر على لسانه.

والحق أن شعر حسان الإسلامى كثر الوضع فيه، وهذا هو السبب فيما يشيع فى بعض الأشعار المنسوبة إليه من ركاكة وهلهلة، لا لأن شعره لان وضعف فى الإسلام كما زعم الأصمعى، ولكن لأنه دخله كثير من الوضع والانتحال. ونحن نوثّق شعره فى الجاهلية إلا ما اتهمه الرواة (?)، ومن رائع هذا الشعر ميميته التى يملؤها ضجيجا وعجيجا بمفاخر قومه والتى يقول فيها:

لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

ولاميته التى يمدح بها الغساسنة بمثل قوله:

بيض الوجوه كريمة أحسابهم … شمّ الأنوف من الطراز الأوّل

أما هجاؤه لقريش فينبغى أن نبعد منه ما اتهمه الرواة وأن لا نقبل منه إلا ما يغلب عليه الإقذاع بالأيام والأنساب، ومن ثمّ كنا نرتضى ميميته (تبلت فؤادك فى المنام خريدة) التى يعيّر فيها الحارث بن هشام المخزومى بفراره فى يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015