روجار الثانى حين استدعاه وتأليفه له-أو إهدائه إليه-كتابه المشهور فى الجغرافيا الذى مر حديثنا عنه ووضعه له خريطة العالم. ونتوقف قليلا للحديث عن ابن الخياط شاعر المديح فى زمن الكلبيين.
ابن (?) الخياط
شاعر من شعراء الكلبيين فى عهدهم الأخير، ولا نعرف شيئا عن نشأته كأكثر شعراء صقلية الإسلامية، ونراه يمدح من أمرائهم الأكحل الملقب بمؤيد الدولة (410 - 427 هـ) كما يمدح أخاه صمصام الدولة (427 - 431 هـ) وفى مدحهما معا يقول:
كلاهما زين أخوه به … كما يزين الفرقد الفرقد (?)
من تره منفردا منهما … فى مجلس قلت هو السّيّد
فهما فرقدان أو كوكبان لا يتميز أحدهما عن صاحبه وكل منهما عليه سيماء السيادة والشرف، وتراه حين شغبت صقلية على الأكحل فى سنة 427 يعزيه عن شغبهم بمثل قوله:
أرى كلّ شئ له دولة … لحكم التعاقب فيها عمل
فلا تفرحنّ ولا تحزننّ … لشئ إذا ما تناهى انتقل
فالدول لا تظل لأحد، بل تتعاقب كما يتعاقب الليل والنهار والحاكم العاقل لا يحزن إن عبس له القدر، كما لا يفرح له حين يبتسم، إذ لا شئ من عبوسه ولا من ابتسامه باق، بل الكل إلى زوال. ونراه يتعلق بمديح قائد من قواد الدولة كانت لقبته بلقب انتصار الدولة، ويصور شجاعته وبأسه فى الحروب منشدا:
ويا رب يوم له مسعر … إذا خمدت ناره أوقدا (?)
تخاف به الرّجل من أختها … ولا تأمن اليد فيه اليدا
ترى السّيف عريان من غمده … وتحسبه من دم مغمدا
فهو مسعر حرب بوقدها كلما خمدت أو خبت، ويكاد الخوف والفزع يخنقان محاربيه حتى لتتخوف الرجل من أختها واليد من شقيقتها لما يأخذ الناس من الهول، وترى السيف فتخاله