والمواد الصوفية، والفلاح الصقلى يتصبب عرقا، ويجمع الضرائب وكلاء الكنائس المذكورة مرة ويجمعها وكلاء الدولة البيزنطية مرة، دون رحمة أو إشفاق. وكانت روما فى أثناء ذلك ترسل إلى صقلية بكثير من العبيد، وأضافت إليهم من كانت تنفيهم من المذنبين ومقترفى الجرائم والجنود المتمردين. وكل ذلك عمل على إضعاف شخصية صقلية فى العهد البيزنطى-كما يقول أمارى-وأزهق فيها الشعور بالكرامة الإنسانية ولم يبق فيها منه بقية.
بينما هذا الظلام يطبق على صقلية ويطبق معه الضنك والضيق والإعس إذا بالعرب يفتحون ديار إفريقية التونسية المواجهة لصقلية ويستولون على جميع بلاد المغرب، وكان طبيعيا أن يفكروا فى السيطرة على البحر المتوسط وعلى جزره: صقلية وغيرها، وتبعا لخطتهم الحربية فى التعرف على أحوال البلاد قبل غزوها نراهم يرسلون سنة 45 هـ/665 م حملة استطلاعية إلى صقلية بقيادة عبد الله بن قيس، وبعد تعرفه على سواحلها الجنوبية عاد إلى إفريقية التونسية، وأرسلت بعد ذلك حملات بحرية مماثلة بقيادة محمد بن أوس الأنصارى وبشر بن صفوان الكلبى، وتبعهم جميعا فى تلك الحملات سنة 122 هـ/740 م حبيب بن أبى عبيدة حفيد عقبة بن نافع مؤسس القيروان، واضطر إلى العودة سريعا لاضطراب الأحوال فى إفريقية التونسية ويقول ابن عذارى إن ابنه عبد الرحمن غزا بعده صقلية ثم سردانية وقاتل بها حتى صالحه أهلها. وهذه الحملات المبكرة نبّهت الدولة البيزنطية إلى أن تحسب حساب الغزو العربى المفاجئ، فأحالت صقلية إلى قاعدة حربية تمتلئ ثغورها ومدنها وقلاعها وحصونها بالعتاد الحربى الوافر.
وكان من أهم الأسباب التى أسرعت بفتح صقلية أن قائدا بيزنطيا يسمى أوفيموس (صلى الله عليه وسلمuphemius) وتسميه المصادر العربية فيمى ثار على قسطنطين بطريق صقلية، فأمرته حكومة