وأسمائها، ويختم الكتاب بتفصيل الحديث فى الشهور الشمسية وأسمائها عند الأعاجم. ويذكر مع كل موضوع الأشعار والأمثال المسجوعة المرتبطة به، مع ما يعم فى الكتاب من جمال الصياغة وحسن العبارة، وبذلك استحال علم الفلك عند ابن الأجدابي الطرابلسى إلى علم أدبى، مما يدل بوضوح على قدرته وبراعته الأدبية.

وفى كتب الطبقات بعد ابن الأجدابي الطرابلسى أسماء لبعض اللغويين والنحاة الليبيين على مدار الحقب إلى العصر الحديث، غير أن أحدا من الليبيين لم يبلغ مبلغه فى التعمق اللغوى مع حسن العرض وجمال البيان، وممن تذكره كتب التراجم بعده معاصره خلوف بن عبد الله البرقى النحوى نزيل صقلية وأبو الحسن على البرقى المتوفى سنة 522 للهجرة، وكان نحويا كما كان شاعرا. وتمر قرون ولا يلمع فى ليبيا اسم لغوى أو نحوى، ويلقانا فى القرن التاسع يوسف بن على الجعرانى فى القصبات عاصمة مسلاتة سنة 820 وله شرح على متن الأجرومية، وبنى له زاوية ببلدته كان يتعبد فيها لربه ويدرس النحو وغيره لطلابه، وممن نلقاهم فى القرن العاشر الهجرى محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطاب الطرابلسى المتوفى سنة 954 للهجرة، وله حاشية على كتاب قطر النّدى لابن هشام وأخرى على كتابه التوضيح أو أوضح المسالك، وله كتاب لغوى فى المواضع التى غلط فيها الجوهرى صاحب معجم الصحاح والفيروزآبادي صاحب القاموس المحيط.

3 - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام

تمثّل قرّاء ليبيا للذكر الحكيم-مثل بقية قرّاء المغرب-قراءة ورش المصرى التى تلقّنها عن نافع مقرئ المدينة المشهور وأحد القرّاء السبعة، ولا يزال القرّاء-إلى اليوم-يدوّون بها فى ليبيا والبلاد المغربية دوىّ النّحل، ومن القراء المبكرين بليبيا فى جبل نفوسة عمر بن يمكتن الذى مر بنا ذكره فى الحركة العلمية، ومن كبار القراء فى القرون التالية بعده مؤمن بن فرج الهوارى الطرابلسى المتوفى سنة 442 للهجرة، وكان يقرئ القرآن فى مسجد عرف باسمه بعده كما يقول التجانى فى رحلته، واشتهر عبد السلام بن عبد الغالب المسراتى المتوفى سنة 646 للهجرة بأنه كان يعنى بالقراءات السبع جميعا، ومثله على بن عبد الحميد العوسجى المتوفى سنة 925 وكان يحفظ الذكر الحكيم بالقراءات السبع، وكان يحفّظه للغلمان فى مسجد بناه فى حياته واشتهر بأنه مؤدب الصبيان. وكانت المساجد والزوايا والكتاتيب جميعا تموج بقراءة القرآن الكريم على مر الحقب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015