المقرئ فى نفس القرن الخامس والمقرئ على بن عبد الحميد العوسجى فى القرن العاشر وفى التفسير الخروبى فى نفس القرن العاشر. ونبغ فى الحفاظ المحدثين أسرة أحمد بن صالح العجلى فى القرن الثالث وابن زكرون وأحمد بن نصر الداودى فى القرن الرابع وابن عبيد فى القرن السابع، ولمع فى الفقه السنى موسى بن عبد الرحمن القطان فى القرن الثالث وابن المنمر فى القرن الخامس وعمران بن موسى فى القرن السابع والزليطنى فى القرن التاسع، وممن نبغ فى الفقه الإباضى عمروس النفوسى فى القرن الثالث، وأحمد بن بكر النفوسى مؤسس جماعة العزابة فى القرن الخامس وعلى بن يخلف التيمجارى فى القرن السادس والجيطالى والشماخى فى القرن الثامن. وظهر بليبيا بعض المؤرخين.
وقد تعرّبت ليبيا سريعا لكثرة من نزل بها من القبائل العربية ومن الجند الناشرين للإسلام، وأكملت تعربها هجرة الأعراب الكبرى من بنى سليم وبنى هلال فى منتصف القرن الخامس الهجرى، إذ امتزجت عشائر القبيلتين أو بعبارة أدق من استقرّ منها فى ليبيا بأهلها من البربر، وأصبحوا شعبا عربيا كبيرا فى تقاليده وعاداته وملابسه ومطاعمه وأفراحه وأحزانه وأخلاقه وشيمه وفروسيته ومروءته ونجدته، وكان طبيعيا أن تنتصر العربية لغة الدين والثقافة أثناء ذلك على اللغة البربرية انتصارا حاسما، ويشهد الرحالة الكبير العبدرى لأهل برقة بالفصاحة، ويؤكد أنهم كانوا-حتى زمنه-فى آخر القرن السابع الهجرى-لا يزالون يتكلمون بالفصحى بأنصع وأدق مما ينطق بها ويتكلمها أهل الحجاز، ولا تزال لغة برقة-إلى اليوم بشهادة بعض المعاصرين-قريبة قربا شديدا من أمّها الفصحى. ولم تحدث فى ليبيا نهضة أدبية واسعة قبل عصرها الحديث، ومرجع ذلك-فى رأينا-إلى أنه لم ينشأ بها دولة ترعى الأدب والأدباء، ولا نشأ بها ديوان إنشاء يحدث فيها حركة نثرية أدبية، ولا كان فيها رعاة للشعر يجزلون العطاء للشعراء. ويلمع فيها بأخرة من القرن الثالث الهجرى شاعر طرابلسى يسمى خليل بن إسحاق ويلتحق بحاشية العبيديين فى عاصمتهم مدينة المهدية، ويلمع بها فى القرن السابع الهجرى فتح بن نوح الإباضى وابن أبى الدنيا وابن معمر، كما يلمع فى العهد العثمانى البهلول الطرابلسى، وله ديوان فى المديح النبوى، وألمع شاعر بعده أحمد بن عبد الدائم. وتذكر كتب التراجم-من حين إلى آخر-لبعض الكتاب الليبيين رسالة أو مقامة مكتفية بمثل هذه الإشارة دون أن تعرضهما على القارئ، وكان فتح بن نوح الإباضى ناثرا مجيدا، كما كان شاعرا مجيدا.